يا ابن الكواكب من أئمّة هاشم و: يا ابن الليوث الغرّ فأجريت الاسم على المشبّه إجراءه على أصله الذي وضع له وادّعيته له، كان قولك: «هم الكواكب» و «هم الليوث» أو «هم كواكب وليوث»، أحرى أن تقوله، وأخفّ مئونة على السامع في وقوع العلم له به.

واعلم أن المعنى في المبالغة وتفسيرنا لها بقولنا: «جعل هذا ذاك»، و «جعله الأسد» و «ادّعى أنه الأسد حقيقة، أنّ المشبّه الشيء بالشيء من شأنه أن ينظر إلى الوصف الذي به يجمع بين الشيئين، وينفي عن نفسه الفكر فيما سواه جملة، فإذا شبّه بالأسد، ألقى صورة الشجاعة بين عينيه، ألقى ما عداها فلم ينظر إليه. فإن هو قال: «زيد كالأسد»، كان قد أثبت له حظّا ظاهرا في الشجاعة، ولم يخرج عن الاقتصاد. وإذا قال: «هو الأسد»، تناهى في الدعوى، إمّا قريبا من المحقّ لفرط بسالة الرجل، وإما متجوّزا في القول، فجعله بحيث لا تنقص شجاعته عن شجاعة الأسد ولا يعدم منها شيئا. وإذا كان بحكم التشبيه، وبأنه مقصوده من ذكر الأسد في حكم من يعتقد أنّ الاسم لم يوضع على ذلك السّبع إلا للشجاعة التي فيه، وأنّ ما عداها من صورته وسائر صفاته عيال عليها وتبع لها في استحقاقه هذا الاسم، ثم أثبت لهذا الذي يشبّهه به تلك الشجاعة بعينها حتى لا اختلاف ولا تفاوت، فقد جعله

الأسد لا محالة، لأن قولنا: «هو هو» على معنيين:

أحدهما: أن يكون للشيء اسمان يعرفه المخاطب بأحدهما دون الآخر، فإذا ذكر باسمه الآخر توهّم أن معك شيئين، فإذا قلت: «زيد هو أبو عبد الله»، عرّفته أن هذا الذي تذكر الآن بزيد هو الذي عرفه بأبي عبد الله.

والثاني: أن يراد تحقق التشابه بين الشيئين، وتكميله لهما، ونفي الاختلاف والتفاوت عنهما، فيقال: «هو هو»، أي: لا يمكن الفرق بينهما، لأن الفرق يقع إذا اختصّ أحدهما بصفة لا تكون في الآخر. هذا المعنى الثاني فرع على الأوّل، وذلك أن المتشابهين التشابه التامّ، لمّا كان يحسب أحدهما الآخر، ويتوهم الرائي لهما في حالين أنه رأى شيئا واحدا، صاروا إذا حققوا التشابه بين الشيئين يقولون: «هو هو».

والمشبّه إذا وقف وهمه كما عرّفتك على الشجاعة دون سائر الأمور، ثم لم يثبت بين شجاعة صاحبه وشجاعة الأسد فرقا، فقد صار إلى معنى قولنا: «هو هو» بلا شبهة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015