النبي صلّى الله عليه وسلّم: «مثل المؤمن كمثل النّخلة أو مثل الخامة» (?)، لا تستطيع أن تتعاطى الاستعارة في شيء منه فتقول: «رأيت نخلة» أو «خامة» على معنى «رأيت مؤمنا».

إنّ من رام مثل هذا كان كما قال صاحب الكتاب: «ملغزا تاركا لكلام الناس الذي يسبق إلى أفئدتهم»، وقد قدّمت طرفا من هذا الفصل فيما مضى، ولكنني أعدته هاهنا لاتصاله بما أريد ذكره.

فقد ظهر أنه ليس كل شيء يجيء فيه التشبيه الصريح بذكر الكاف ونحوها، يستقيم نقل الكلام فيه إلى طريقة الاستعارة، وإسقاط ذكر المشبّه جملة، والاقتصار على المشبّه به. وبقي أن نتعرّف الحكم في الحالة الأخرى، وهي التي يكون كل واحد من المشبّه والمشبّه به مذكورا فيه، نحو: «زيد أسد» و «وجدته أسدا»، هل تساوق صريح

التشبيه حتى يجوز في كل شيئين قصد تشبيه أحدهما بالآخر أن تحذف الكاف ونحوها من الثاني، وتجعله خبرا عن الأول أو بمنزلة الخبر؟ والقول في ذلك أن التشبيه إذا كان صريحا بالكاف، و «مثل»، كان الأعرف الأشهر في المشبّه به أن يكون معرفة، كقولك: «هو كالأسد» و «هو كالشمس» و «هو كالبحر» و «كليث العرين» و «كالصبح» و «كالنجم» وما شاكل ذلك، ولا يكاد يجيء نكرة مجيئا يرتضى نحو:

«هو كأسد» و «كبحر» و «كغيث»، إلا أن يخصّص بصفة نحو «كبحر زاخر»، فإذا جعلت الاسم المجرور بالكاف معربا بالإعراب الذي يستحقّه الخبر من الرفع أو النصب، كان كلا الأمرين- التعريف والتنكير- فيه حسنا جميلا، تقول: «زيد الأسد» و «الشمس» و «البدر» و «البحر» و «زيد أسد» و «شمس» و «بدر» و «بحر».

وإذ قد عرفت هذا، فارجع إلى نحو:

فإنك كالليل الذي هو مدركي (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015