بكرت تعير الأرض ثوب شباب … رحبيّة محمودة الإسكاب (?)
نثرت أوائلها حيا فكأنّه … نقط على عجل ببطن كتاب
وأمّا هيئة الحركة مجرّدة من كل وصف يكون في الجسم، فيقع فيها نوع من التركيب، بأن يكون للجسم حركات
في جهات مختلفة، نحو أنّ بعضها يتحرك إلى يمين والبعض إلى شمال، وبعض إلى فوق وبعض إلى قدّام ونحو ذلك. وكلما كان التفاوت في الجهات التي تتحرك أبعاض الجسم إليها أشدّ، كان التركيب في هيئة المتحرّك أكثر، فحركة الرّحا والدّولاب وحركة السهم لا تركيب فيها، لأن الجهة واحدة، ولكن في حركة المصحف في قوله:
فانطباقا مرّة وانفتاحا تركيب، لأنه في إحدى الحالتين يتحرك إلى جهة غير جهته في الحالة الأخرى.
فمما جاء في التشبيه معقودا على تجريد هيئة الحركة، ثم لطف وغرب لما فيه من التفصيل والتركيب، قول الأعشى يصف السفينة في البحر وتقاذف الأمواج بها: [من الكامل]
تقص السفين بجانبيه كما … ينزو الرّباح خلا له كرع (?)
«الرّباح» الفصيل، وقيل: القرد. و «الكرع» ماء السماء. شبّه السفينة في انحدارها وارتفاعها بحركات الفصيل في نزوه. وذلك أن الفصيل إذا نزا، ولا سيما في الماء، وحين يعتريه ما يعتري المهر ونحوه من الحيوانات التي هي في أوّل النّشء، كانت له حركات متفاوتة تصير لها أعضاؤه في جهات مختلفة، ويكون هناك تسفّل وتصعّد على غير ترتيب، وبحيث تكاد تدخل إحدى الحركتين في الأخرى، فلا يتبيّنه الطرف مرتفعا حتى يراه منحطّا متسفّلا، ويهوي مرّة نحو الرأس ومرّة نحو الذنب، وذلك أشبه شيء بحال السّفينة وهيئة حركاتها حين يتدافعها الموج.