عزّته وقلّته، وكونه نادر الوجود، فإنّ الناس يرون أبدا في الصياغات فضّة قد أجري فيها ذهب وطليت به، ولا يكاد يتفق أن يوجد درّ قد نثر على بساط أزرق.

وإذ قد عرفت انقسام المركّب من التشبيه إلى هذين القسمين، فاعتبر موضعهما من العبرتين المذكورتين، فإنك تراهما بحسب نسبتهما منهما، وتحقّقهما بهما، قد أعطتاهما لطف الغرابة، ونفضتا عليهما صبغ الحسن، وكستاهما روعة الإعجاب، فتجد المقدّر الذي لا يباشر الوجود، نحو قوله (?):

أعلام ياقوت نشر … ن على رماح من زبرجد

وكقوله في النيلوفر (?): [من الخفيف]

كلّنا باسط اليد … نحو نيلوفر ندي

كدبابيس عسجد … قضبها من زبرجد

قد اجتمع فيه العبرتان جميعا، وتجد العبرة الثانية قد أتت فيه على غاية القوة، لأنه لا مزيد في بعد الشيء عن العيون على أن يكون وجوده ممتنعا أصلا حتى لا يتصوّر إلا في الوهم.

وإذا تركت هذا القسم ونظرت إلى القسم الثاني الذي يدخل في الوجود نحو قوله:

درر نثرن على بساط أزرق وجدت العبرة الثانية لا تقوى فيه تلك القوة، لأنه إذا كان مما يعلم أنه يوجد ويعهد بحال وإن كان لا يتّسع بل يندر ويقلّ فقد دنا من الوقوع في الفكر والتعرّض للذكر دنوّا لا يدنوه الأول الذي لا يطمع أن يدخل تحت الرؤية للزومه العدم، وامتناعه أن يجوز عليه إلّا التوهّم. ولا جرم، لمّا كان الأمر كذلك، كان للضرب الأول من الروعة والحسن، لصاحبه من الفضل في قوة الذّهن، ما لم يكن ذلك في الثاني، وقوي الحكم بحسب قوة العلة، وكثر الوصف الذي هو الغرابة، بحسب الجالب له.

وفي هذا التقرير ما تعلم به الطريق إلى التشبيه من أين تفاوت في كونه غريبا؟

ولم تفاضل في مجيئه عجيبا؟ وبأي سبب وجدت عند شيء منه من الهزّة ما لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015