الرذيلة، ليس بمجرّد اللفظ (?). كيف؟ والألفاظ لا تفيد حتى تؤلّف ضربا خاصّا من التأليف، ويعمد بها إلى وجه دون وجه من التركيب والترتيب. فلو أنك عمدت إلى بيت شعر أو فصل نثر فعددت كلماته عدّا كيف جاء واتّفق، وأبطلت نضده (?) ونظامه الذي عليه بني، وفيه أفرغ المعنى وأجري، وغيّرت ترتيبه الذي بخصوصيته أفاد ما أفاد، وبنسقه المخصوص أبان المراد، نحو أن تقول في: [من الطويل] قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل (?) «منزل قفا ذكرى من نبك حبيب»، أخرجته من كمال البيان، إلى مجال الهذيان. نعم وأسقطت نسبته من صاحبه، وقطعت الرّحم بينه وبين منشئه، بل أحلت أن يكون له إضافة إلى قائل، ونسب يختصّ بمتكلم. وفي ثبوت هذا الأصل ما تعلم به أنّ المعنى الذي له كانت هذه الكلم بيت شعر أو فصل خطاب، هو ترتيبها على طريقة معلومة، وحصولها
على صورة من التأليف مخصوصة. وهذا الحكم- أعني الاختصاص في الترتيب- يقع في الألفاظ مرتّبا على المعاني المرتّبة في النفس، المنتظمة فيها على قضيّة العقل (?). ولا يتصوّر في الألفاظ وجوب تقديم وتأخير، وتخصّص في ترتيب وتنزيل، وعلى ذلك وضعت المراتب والمنازل في الجمل المركّبة، وأقسام الكلام المدوّنة، فقيل: من حق هذا أن يسبق ذلك، ومن حقّ ما هاهنا أن يقع هنالك، كما قيل في المبتدأ والخبر والمفعول والفاعل، حتى حظر