وسائرا مقيما، كما يجيء في وصف الشعر الحسن الذي يتداوله الرواة وتتهاداه الألسن، كما قال القاضي أبو الحسن: [من المتقارب]

وجوّابة الأفق موقوفة … تسير ولم تبرح الحضرة (?)

وهل يخفى تقريبه المتباعدين، وتقريبه بين المختلفين، وأنت تجد إصابة الرجل في الحجّة، وحسن تخليصه للكلام، وقد مثّلت تارة بالهناء ومعالجة الإبل الجربى به، وأخرى بحزّ القصّاب اللحم وإعماله السكّين في تقطيعه وتفريقه في قولهم:

يضع الهناء مواضع النقب (?) و «يصيب الحزّ» و «يطبّق المفصل»، فانظر: هل ترى مزيدا في التناكر والتنافر على ما بين طلاء القطران، وجنس القول والبيان؟ ثم كرّر النظر وتأمّل: كيف حصل الائتلاف، وكيف جاء من جمع أحدهما إلى الآخر، ما يأنس إليه العقل ويحمده الطبع؟ حتى إنّك لربما وجدت لهذا المثل إذا ورد عليك في أثناء الفصول، وحين تبيّن الفاضل في البيان من المفضول قبولا، ولا ما تجد عند فوح المسك ونشر الغالية، وقد وقع

ذكر «الحزّ» و «التطبيق» منك موقع ما ينفى الحزازات عن القلب، ويزيل أطباق الوحشة عن النفس.

وتكلّف القول في أن للتمثيل في هذا المعنى الذي لا يجارى إليه، والباع الذي لا يطاول فيه، كالاحتجاج للضّرورات، وكفى دليلا على تصرفه فيه باليد الصّناع، وإيفائه على غايات الابتداع، أنه يريك العدم وجودا والوجود عدما، والميّت حيّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015