وإلا فلو فرضنا أن يكثرَ وجودُه في الأشخاص الكبيرة، لكان لفظ النظم أصلاً وحقيقة فيها، كما يكون حقيقةً في نحو الحبوب، وهذا النحو لشدة الشَّبه فيه، يكاد يلحقُ بالحَقيقة، ومن هذا الحدِّ قوله:
وفي يَدِكَ السَّيْف الَّذِي امتنعَتْ به ... صَفَاةُ الهُدَى من أَنْ تَرِقَّ فتُخْرَقَا
وذلك أن أصل الخَرْق أن يكون في الثوب، وهو في الصفاة استعارة، لأنه لمّا قال تَرِقَّ، قربت حالها من حالِ الثوب، وعلى ذلك فإنَّا نعلم أن الشق والصدع حقيقة في الصَّفاة، ونعلم أن الخرق يجامعهما في الجنس، لأن الكلَّ تفريقٌ وقطعٌ، ولو لم يكن الخرق والشق واحداً، لما قلت: شققتُ الثوبَ، والشَّق عيبٌ في الثوب، وتَشَقََّقَ الثوبُ قول من لا يستعير، ولكن لو قلتَ " خرق الحِشمة "، لم يكن من الحقيقة في شيء، وكان خارجاً من هذا الفن الذي نحن فيه، لأنه ليس هناك شق، ولو جاءَ شَقَّ الحِشمة أو صَدَعَ مثلاً، كان كذلك أعني لا يكون له أصلٌ في الحقيقة ولا شَبهٌ بها. ومن هذا الضرب قوله تعالى: " وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ " " سبأ: 91 " يُعَدُّ استعارةٌ من حيث إن التمزيق للثوب في أصل اللغة، إلا أنه على ذاك راجع إلى الحقيقة، من حيث إنه تفريق على كل حال، وليس بجنس غيره،