جُثَّة وهيئةٌ وخلْقٌ، وفي ذلك كفايةٌ في إزالتِه عن أصلٍ وَقع له في اللغة، ونقلِه عن حدِّ جَرْيهِ فيه إلى حدٍّ آخر مخالفٍ له. وليس في فَعَلَ إذا تُجُوِّز فيه شيءٌ من ذلك، لأنّا لم نسلُبْه لا بالتأويل ولا غير التأويل شيئاً وضعتْهُ اللغة له، لأنه كما ذكرتُ غيرَ مرّةٍ: لإثبات الفعل للشيء من غير أن ىُتَعَرَّض لذلك الشيء ما هو، أو هو مستحقٌّ لأن يُثَبت له الفعل أو غيرُ مستحق، وإذا كان كذلك، كان الذي أرادت اللغة به موجوداً فيه ثابتاً له في قولك: فَعَلَ الربيع، ثبوتَه إذا قلت: فعل الحيُّ القادر، لم يتغيّر له صورة، ولم ينقص منه شيء، ولم يَزُل عن حدٍّ إلى حدّ فاعرفه. فإن قلتَ: قد عَلِمنا أنَّ طريق المجاز ينقسم إلى ما ذكرتَ من اللغة والمعقول، وأنَّ فَعَلَ في نحو: فعل الربيع، مما طريقه المعقول، وأنّ نحو: الأسَد إذا قُصد به التشبيه، واستعير لغير السبع، طريقُ مجازه اللغة، وبقي أن نعلَم لم خصَّصتَ المجاز - إذا كان طريقه العقل - بأن توصف به الجملة من الكلام دون الكلمة الواحدة، وهلاّ جوّزتَ أن يكون فَعَلَ على الانفراد موصوفاً به. فإنّ سببَ ذلك أن المعنى الذي له وُضع فَعَلَ لا يُتصوَّر الحكم عليه بمجاز أو حقيقة حتى يُسْنَد إلى الاسم، وهكذا كل مثال من أمثلة الفعل، لأنه موضوع لإثبات الفعل للشيءِ، فما لم نبيّن ذلك الشيء الذي نُثبته