فلا يُتصَوَّر، لأن الإثبات كما مضى لا بدّ له من جهة، ولا جهةَ هاهنا، وهكذا إذا قلت أحْيا اللَّه زيداً، كنت في هذا الكلام مُثبِتاً الحياةَ فِعلاً للَّه تعالى في زيد، فأما ذات زَيد، فلم تُثبتها فعلاً للَّه بهذا الكلام، وإنما يتأتَّى لك ذلك بكلام آخر، نحو أن تقول خلق اللَّه زيداً ووأوجده وما شاكله، مما لا يُشتقّ من معنًى خاصّ كالحياة والموت ونحوهما من المعاني، وإذ قد تقرَّرتْ هذه المسائل، فينبغي أن تعلم أن من حقك إذا أردت أن تقضي في الجملة بمجاز أو حقيقة، أن تنظر إليها من جهتين: إحداهما أن تنظر إلى ما وقع بها من الإثبات، أهو في حقه وموضعه، أم قد زال عن الموضع الذي ينبغي أن يكون فيه والثانية أن تنظر إلى المعنى المُثْبَت أعني ما وقع عليه الإثبات كالحياة في قولك أحيا اللَّه زيداً، والشيب في قولك أشابَ اللَّه رأسِي، أثابتٌ هو على الحقيقة، أم قد عُدِل به عنها. وإذا مُثِّل لك دخول المجاز على الجملة من الطريقين، عرفت ثَبَاتُها على الحقيقة منهما، فمثالُ ما دخله المجاز من جهة الإثبات دون المُثْبَت قوله: " وَشَيَّبَ أيّامُ الفِرَاق مَفارِقِي وأَنْشَزْنَ نَفْسي فوق حَيْثُ تكونُ "