على السامع من خَطَراتٍ تقع للجُهَّال وأهلِ التشبيه جلّ اللَّه وتعالى عن شبه المخلوقين ولم يقصدوا إلى بيان الطريقة والجهة التي منها يُحصَل على القُدرة والقوة، وإذا تأمّلت علمت أنه على طريقة المَثَلَ، وكما أنّا نعلم في صَدْر هذه الآية وهو قوله عز وجل: " وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَة " " الزمر: 67 "، أن محصول المعنى على القدرة، ثم لا نستجيز أن نجعل القبضةَ اسماً للقدرة، بل نَصير إلى القدرة من طريق التأويل والمَثَل، فنقول إنّ المعنى واللَّه أعلم أن مََثَل الأرض في تصرُّفها تحت أمر اللَّه وقدرته، وأنه لا يشذّ شيءٌ مما فيها من سلطانه عزّ وجلّ، مَثَلُ الشيء يكون في قبضة الآخذِ له مِنّاً والجامع يده عليه، كذلك حقُّنا أن نسلك بقوله تعالى: " مَطْويَّاتٌ بِيَمِينِهِ " هذا المسلَك، فكأنّ المعنى - واللَّه أعلم - أنه عزّ وجلّ يخلق فيها صفةَ الطيّ حتى تُرَى كالكتاب المطويِّ بيمين الواحد منكم، وخصَّ اليمين لتكون أعلى وأفخمَ للمثل، وإذا كنت تقول الأمرُ كُلُّه للَّه، فتعلم أنه على سبيل أنْ لا سلطان لأحد دونه ولا استبداد وكذلك إذا قلت للمخلوق الأمر بيدك، أردت المَثَل، وأنَّ الأمر كالشيء يَْحصُل في يده من حيث لا يمتنع عليه، فما معنى التوقُّف في أن اليمين مَثَلٌ، وليست باسم للقُدْرة، وكاللغة المستأنَفة، ومن أين يُتصوَّر ذلك وأنت لا تراها تصلُح حيث لا وجه للمَثَل والتشبيه فلا يقال: هو عظيم اليمين، بمعنى عَظِيم القدرة، وقد عرفتُ يمينَك على هذا كما تقول عرفتُ قدرتك.