بل المعنى أن مََثَلَهم مع كثرتهم في وجوب الاتِّفاق بينهم، مَثَلُ اليد الواحدة فكما لا يُتصوَّر أن يخذل بعضُ أجزاء اليد بعضاً، وأن تختلف بها الجهة في التصرف، كذلك سبيل المؤمنين في تعاضُدهم على المشركين، لأن كلمةَ التوحيد جامعةٌ لهم، فلذلك كانوا كنفس واحدة، فهذا كله مما يعترف لك كل أحد فيه، بأنّ اليد على انفرادها لا تقع على شيء، فيُتوهَّمُ لها نقلٌ من معنى إلى معنى على حدّ وضع الاسم واستئنافه. فأمَّا ما تكون اليد فيه للقدرة على سبيل التلويح بالمثَل دون التصريح، حتى ترى كثيراً من الناس يُطلق القول إنها بمعنى القدرة ويُجريها مَجرَى اللفظ يقع لمعنيين، فكقوله تعالى: " وَالسَّمَوَاتُ مَطْويَّاتٌ بِيَمِينِهِ " " الزمر: 67 "، تراهم يُطلقون اليمين بمعنى القدرة، ويصِلون إليه قولَ الشمّاخ:
إذَا مَا رَايةٌ رُفِعَتْ لمَجْدٍ ... تَلَقَّاهَا عَرابةُ باليمينِ
كما فعل أبو العباس في الكامل، فإنه أنشد البيت ثم قال: قال أصحاب المعاني معناه بالقوة، وقالُوا مِثْل ذلك في قوله تعالى: " وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِه "، وهذا منهم تفسيرٌ على الجملة، وقصدٌ إلى نَفْي الجارحة بسرعةٍ، خوفاً