وأسأله عز اسمه المعونة، وأبرأ إليه من الحول والقوة، وأرغب إليه في أن يجعل كل ما نتصّرف فيه منصرِفاً إلى ما يتصل برضاه، ومصروفاً عمَّا يؤدّي إلى سَخَطِه. اعلم أنه إذا ثبت أن اختصاص المَرْسِن بغير الآدمي لا يفيد أكثر مما يفيد الأنف في الآدمي وهو فَصْل هذا العضو من غيره ولم تكن باستعارته للآدميّ مفيداً ما لا تفيده بالأنف لم يتُصوّر أن يكون استعارة من جهة المعنى، وإذا كان مدَار أمره على اللفظ لم يتصور أن يكون في غير لغة العرب، بَلَى، إن وُجد في لغة الفُرْس مراعاةُ نحو هذه الفروق، ثم نقلوا الشيءَ من الجنس المخصوص به إلى جنس آخر، كانوا قد سلكوا في لُغتهم مسلك العَرَب في لغتها
وليس كذلك المفيدُ، فإن الكثير منه تراه في عِداد ما يشترك فيه أجيال الناس، ويجري به العُرْف في جميع اللغات، فقولك رأيت أسداً، تريد وصفَ رجل بالشجاعة وتشبيههُ بالأسد على المبالغة، أمرٌ يَستوي فيه العربيُّ والعجميُّ، وتجِده في كل جِيل، وتسمعه من كل قبيل، كما أن قولنا زيد كالأسد على التصريح بالتشبيه كذلك، فلا يمكن أن يُدَّعَى أنا إذا استعملنا هذا النحو من الاستعارة، فقد عمدنا إلى طريقةٍ في المعقولات لا يعرفها غير العرب، أو لم تتفق لمن سواهم، لأن ذلك بمنزلة أن تقول: إن تركيبَ الكلام من الاسمين، أو من الفعل والاسم، يختصّ بلغة العرب، وإنّ الحقائق التي تُذكر في أقسام الخبر ونحوه، مما لا نعقله إلاّ من لغة العرب، وذلك مما لا يخفَى فسادُه،