أعْلَمُ الناسِ بالنجومِ بَنُو نُو ... بَخْتَ عِلماً لم يَأْتهم بالحِسابِ
بَلْ بَأنْ شاهدُوا السَّماءَ سُمُوّاً ... بِتَرَقٍّ في المكرماتِ الصِّعابِ
مبلغٌ لم يكُنْ ليبلُغَه الطا ... لِبُ إلاّ بتِلكُمُ الأسْبابِ
وأعاده في موضع آخر، فزاد الدعوى قُوَّةً، ومرّ فيها مرورَ من يقول صِدقاً ويذكر حقّاً:
يا آل نُوبَخْتَ لا عَدِمتُكُم ... ولا تَبدَّلْتُ بعدكم بَدَلاََ
إن صَحَّ علمُ النجوم كان لكم ... حقًّاٍ إذا ما سواكُمُ انتحلاَ
كَمْ عالمٍ فيكُم وَلَيْس بأنْ ... قاس ولكن بأن رَقِي فَعَلاَ
أعلاكُمُ في السماء مَجدُكمُ ... فلستمُ تَجْهلون مَا جُهِلاَ
شافَهْتُم البدرَ بالسُّؤال عن ال ... أَمْرِ إلى أن بلغتُمُ زُحَلاَ
وهكذا الحكم إذا استعاروا اسمَ الشيء بعينه من نحو شمس أو بدر أو بحر أو أسد، فإنهم يبلغون به هذا الحدّ، ويصوغون الكلام صياغاتٍ تقضي بأن لا تشبيه هناك ولا استعارة، مثاله قوله:
قامت تظلِّلني من الشمس ... نفسٌ أعزُّ عليَّ من نَفْسِي
قامت تظلِّلني ومن عَجَبٍ ... شمسٌ تُظَلِّلني من الشَّمس
ِفلولا أنه أنْسَى نفسَهُ أن هاهنا استعارةً ومجازاً من القول، وعَمِلَ على دعوى شمس على الحقيقة، لما كان لهذا التعجّب معنًى، فليس ببِدْعٍ ولا مُنكَر أن يظلِّلَ إنسانٌ حسن الوجه إنساناً ويَقِيه وَهَجاً بشخصه.