اسرار البلاغه (صفحة 292)

سياقها، قولُه:

سَبقنا إليهَا الصُّبْحَ وهو مُقنَّعٌ ... كَمِينٌ وقلبُ اللَّيلِ منه على حَذَرْ

وقد أخذ الخالديُّ بيته الأوّل أخْذاً، فقال:

والصُّبحُ قد جُرِّدت صَوارِمُه ... والليلُ قد همَّ منه بالهَربِ

وهذه قطعة لابن المعتزّ، بيتٌ منها هو المقصود:

وانظُر إلى دُنْيَا ربِيعٍ أقبلتْ ... مِثْلَ البَغيِّ تبرَّجتْ لزُناةِ

جاءَتك زائرةٌ كعامٍ أوّلٍ ... وتَلبَّستْ وتعطَّرَتْ بنباتِ

وَإذا تَعرَّى الصُبحُ من كافورِهِ ... نَطَقتْ صُنوفُ طُيورِها بِلُغاتِ

والوَرْدُ يضحكُ من نَواظر نَرْجسٍ ... قَذِيَت وآذنَ حَيُّها بمَمَاتِ

هذا البيت الأخير هو المراد، وذلك أن الضَحِك في الوَرْد وكلِّ ريحان ونُوْرٍ يَتَفَتَّح، مشهور معروف، وقد علَّله في هذا البيت، وجعل الوَرْد كأنه يعقل ويميّز، فهو يَشْمَت بالنرجس لانقضاء مُدّته وإدبار دَوْلته، وبُدُوِّ أمارات الفناء فيه، وأعاد هذا الضحك من الورد فقال:

ضَحِكَ الوَرْدُ في قَفَا المَنْثُورِ ... واسْتَرحْنَا من رِعْدَةِ المَقرُورِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015