الإغراب، فلا يستقيم الجمع بينه وبين ما أنشد، لأن شيئاً من تلك الأبيات لا يتضمَّنُ تعليلاً، وليس فيها أكثر من ضمّ شَبَهٍ إلى شبه، كالحنين والانحناء من القوس، والاستدارة والطلوع مساءً من البَدْر، وليس أحد المعنيين بِعِلّة للآخر، كيف؟ ولا حاجة بواحد من الشبهين المذكورين إلى تصحيحِ غيره له. ومما هو نظيرٌ لبيت السريّ وعلى طريقة قول ابن المعتزّ:
سَقَاني وقد سُلَّ سَيفُ الصبا ... حِ والليلُ من خَوْفه قَدْ هَرَبْ
لم يقنع هاهنا بالتشبيه الظَّاهر والقولِ المرسَل، كما اقتصر في قوله:
حتى بدا الصباحُ من نقابِ ... كما بدا المُنْصلُ من قِرابِ
وقوله:
أمّا الظلامُ فحِينَ رَقَّ قَمِيصُهُ ... وأَتى بياضُ الصُّبْح كالسَّيف الصَّدي
ولكنه أحبّ أن يحقّق دعواه أنّ هناك سيفاً مسلولاً، ويجعل نفسه كأنها لا تعلم أن هاهنا تشبيهاً، وأنّ القصد إلى لونِ البياضِ في الشكل المستطيل، فتوصَّلَ إلى ذلك بأَن جعل الظَّلام كالعدوّ المنهزم الذي سُلّ السَّيف في قَفَاه، فهو يهرب مخافَة أن يُضْرب به، ومثل هذا في أن جعل الليلَ يخافُ الصبحَ، لا في الصنعة التي أنا في