اسرار البلاغه (صفحة 286)

تمهِّلاً والبرقُ من أسمائه ... مُتبرقعاً والحُسْنُ من أكفائِه

مَا كانت النِّيران يَكْمُنُ حَرُّها ... لَوْ كان للنِّيران بعضُ ذَكائِه

لا تَعْلَقُ الألحاظُ في أَعطافِه ... إلاَّ إذا كفكفتَ من غُلَوائهِ

لاَ يُكمِلُ الطرْفُ المحاسنَ كُلَّها ... حَتَّى يكونَ الطَّرْفُ من أُسَرائِه

ومما له في التفضيلِ الفَضْلُ الظاهرُ لحسن الإبداع، مع السلامة من التكلُّف، قوله:

وماءٍ عَلى الرَّضْرَاض يَجْري كأنَّهُ ... صحائفُ تِبْرٍ قد سُبِكْنَ جداولاَ

كأنّ بها من شدة الجَرْيِ جِنَّةً ... وقَدْ ألبستهُنَّ الرِّياحُ سَلاَسلاَ

وإنما ساعده التوفيقُ، من حيث وُطّئ له من قبلُ الطريقُ، فسبق العُرْفُ بتشبيه الحُبُك على صفحات الغُدْران بحلَق الدروع، فتدرَّج من ذلك إلى أن جعلها سلاسل، كما فعل ابن المعتزّ في قوله:

وأنهارِ ماءٍ كالسلاسل فُجرّت ... لتُرضِع أولادَ الرياحين والزَهْرِ

ثم أتمّ الحِذْق بأن جعل للماء صفة تَقْتَضي أن يُسَلْسَل، وقَرُبَ مأخذُ ما حاول عليه، فإن شدة الحركة وفرط سرعتها من صفات الجنون، كما أن التمهُّل فيها والتأنّي من أوصاف العقل، ومن هذا الجنس قولُ ابن المعتزّ في السيف، في أبيات قالها في الموفَّق، وهي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015