أو الناسَ الذين طلعت عليهم وأنِسَتْ بهم وأنِسوا بها وسَرَّتْهم رُؤْيتُها، ونوع منه قولُ الآخر:
قضيبُ الكَرْمِ نَقْطَعه فَيَبْكِي ... ولا تَبْكي وقد قَطَع الحبيبُ
وهو منسوب إلى إنشاد الشّبلي، ويقال أيضاً أن أبا العباس أخذ معناه في بيته من قول بعض الصُّوفية وقيل له: لِمَ تصفرُّ الشمس عند الغروب؛ فقال من حَذَر الفراق، ومن لطيف هذا الجنس قول الصُّولي:
الرِّيح تَحْسُدُني علي ... كِ ولم أخَلْهَا في العِدَا
لَمَّا هَمَمْتُ بقُبْلةٍ ... رَدَت على الوَجْهِ الرِّدَا
وذلك أن الريح إذا كان وجهها نحو الوَجْه، فواجب في طِباعها أن تردّ الرداء عليه، وأن تلُفّ من طرفيه، وقد ادّعى أن ذلك منها لحسدٍ بها وغَيْرَةٍ على المحبوبة، وهي من أجل ما في نفسها تَحُول بينه وبين أن ينال من وجهها. وفي هذه الطريقة قوله:
وحَارَبَني فيه رَيْبُ الزَّمانِ ... كأنَّ الزَّمانَ لهُ عاشقُ