لَطُف التشبيه وحَسُن، فمن ذلك قول ابن المعتزّ يصف سَيْلاً:
فلما طَغَا ماؤُه في البلاد ... وغَصَّ به كُلُّ وادٍ صَدِي
تَرَى الثورَ في مَتْنِهِ طافياً ... كَضَجْعَة ذي التاج في المَرْقَدِ
وكقول المتنبي في صفة الكلب: " يُقْعِي جُلوس البَدَوِيِّ المُصطَلِي ". فقد اختَصَّ هيئة البدويّ المصطلي، في تشبيه هيئة سكون أعضاء الكلب ومواقعها فيها، ولم يَنَل التشبيهُ حظّاً من الحسن، إلا بأنّ فيه تفصيلاً من حيث كان لكل عُضوٍ من الكلب في إقعائه موقعٌ خاصّ، وكان مجموع تلك الجهات في حكم أشكال مختلفة تؤلَّف فتجيء منها صُورة خاصّة، ومن لطيف هذا الجنس قوله في صفة المصلوب:
كأنه عاشقُ قد مَدَّ صفحتَهُ ... يومَ الوداع إلى توديع مرتحلِ
أو قائمٌ من نُعاسٍ فيه لُوثَتُه ... مُواصلٌ لتمطِّيهٍ من الكَسَلِ
ولم يلطف إلا لكثرة ما فيه من التفصيل، ولو قال كأنه متمطٍّ من نعاس واقتصر عليه، كان قريب المتناول، لأن الشَّبه إلى هذا القدر يقع في