حَيْوَةُ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ [1] الْقِتْبَانِيِّ، عَنْ شُيَيْمِ بْنِ بَيْتَانَ، وَيَزِيدَ بْنِ صُبْحٍ [2] الأَصْبَحِيِّ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ: كُنَّا مع بسر بن أبى أَرْطَاةَ فِي الْبَحْرِ، فَأُتِيَ بِسَارِقٍ يُقَالُ لَهُ: مِصْدَرٌ، قَدْ سَرَقَ، فَقَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لا تُقْطَعُ الأَيْدِي فِي السَّفَرِ» . وَشَهِدَ صِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ شَدِيدًا عَلَى عَلِيٍّ وَأَصْحَابِهِ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: كَانَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يَقُولُ: لا تَصِحُّ لَهُ صُحْبَةٌ، وَكَانَ يَقُولُ: هُوَ رَجُلُ سُوءٍ وَذَلِكَ لَمَّا رَكِبَهُ فِي الإِسْلامِ مِنَ الأُمُورِ الْعِظَامِ، مِنْهَا مَا نَقَلَهُ أَهْلُ الأَخْبَارِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ أَيْضًا، مِنْ ذَبْحِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقُثَمَ ابْنَيْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهُمَا صَغِيرَانِ، بَيْنَ يَدَيْ أُمِّهِمَا، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ سَيَّرَهُ إِلَى الْحِجَازِ وَالْيَمَنِ لِيَقْتِلَ شِيعَةَ عَلِيٍّ وَيَأْخُذَ الْبَيْعَةَ لَهُ، فَسَارَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَفَعَلَ بِهَا أَفْعَالًا شَنِيعَةً وَسَارَ إِلَى الْيَمَنِ، وَكَانَ الأَمِيرُ عَلَى الْيَمَنِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ عَامِلًا لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَهَرَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ، فَنَزَلَهَا بُسْرٌ فَفَعَلَ فِيهَا هَذَا، وَقِيلَ: إِنَّهُ قَتَلَهُمَا بالمدينة، والأول أكثر.
قال: وقال الدار قطنى: بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ لَهُ صُحْبَةٌ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ اسْتِقَامَةٌ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمَّا قَتَلَ ابْنَيْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَصَابَ أُمَّهُمَا عَائِشَةَ بِنْتَ عَبْدٍ الْمَدَانِ مِنْ ذَلِكَ حَزَنٌ عَظِيمٌ فَأَنْشَأَتْ تَقُولُ:
هَا مَنْ أَحَسَّ بَنِيَّ اللَّذَيْنَ هُمَا ... كَالدُّرَّتَيْنِ تَشَظَى عَنْهُمَا الصَّدَفُ
الْأَبْيَاتُ [3] ، وَهِيَ مَشْهُورَةٌ، ثُمَّ وَسْوَسَتْ، فَكَانَتْ تَقِفُ فِي الْمُوْسِمِ تُنْشِدُ هَذَا الشِّعْرَ، ثُمَّ تَهِيمُ عَلَى وَجْهِهَا. ذَكَرَ هَذَا ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ. وَالْمُبَرِّدُ، وَالطَّبَرِيُّ، وَابْنُ الْكَلْبِيِّ، وَغَيْرُهُمْ، وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ، فَهَرَبَ مِنْهُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِهَا مِنْهُمْ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ، وَغَيْرُهُمَا وَقَتَلَ فِيهَا كَثِيرًا. وَأَغَارَ عَلَى هَمْدَانَ بِالْيَمَنِ، وَسَبَى نِسَاءَهُمْ، فَكُنَّ أَوَّلَ مُسْلِمَاتٍ سُبِينَ فِي الإِسْلامِ، وَهَدَمَ بِالْمَدِينَةِ دُورًا، وَقَدْ ذُكِرَتِ الْحَادِثَةُ فِي التَّوَارِيخِ، فَلا حَاجَةَ إِلَى الإِطَالَةِ بِذِكْرِهَا.
قِيلَ: تُوُفِّيَ بُسْرٌ بِالْمَدِينَةِ أَيَّامَ مُعَاوِيَةَ، وَقِيلَ: تُوُفِّيَ بِالشَّامِ أَيَّامَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَكَانَ قد خرف آخر عمره.
أخرجه الثلاثة.
(ب د ع) بسر- مثله أيضًا- وهو بسر بْن أَبِي بسر المازني.
قال أَبُو سعد السمعاني: هو من مازن بْن مَنْصُور بْن عكرمة بْن خصفة بْن قيس عيلان [4] روى عَنْهُ ابنه عَبْد اللَّهِ قَالَ: «جاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنزل عَلَى أَبِي، فأتاه بطعام وسويق وحيس [5] فأكل، وأتاه بشراب فشرب، فناول من عَنْ يمينه، وأتى بتمر فأكل، وكان إذا أكل التمر ألقى التمر على ظهر