وقد كنت في القوم ذا تدرأ [1] ... فلم أعط شيئًا ولم أمنع

فصالًا أفائل [2] أعطيتها ... عديد قوائمها الأربع

وكانت نهابًا [3] تلافيتها ... بكري عَلَى المهر في الأجرع

وَإِيقاظي القوم أن يرقدوا ... إذا هجع [4] القوم لم أهجع

فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اذهبوا فاقطعوا عني لسانه. فأعطوه حتى رضي، وقيل: أتمها له مائة.

وكان شاعرًا محسنًا، وشجاعًا مشهورا. قال عَبْد الْمَلِكِ بْن مروان: أشجع الناس في شعره عباس بْن مرداس حيث يقول:

أقاتل في الكتيبة لا أبالي ... أفيها كان حتفي أم سواها [5]

وكان العباس بْن مرداس ممن حرم الخمر في الجاهلية، فإنه قيل له: ألا تأخذ من الشراب فإنه يزيد في قوتك وجراءتك؟ قال: لا أصبح سيد قومي وأمسي سفيهها، لا والله لا يدخل جوفي شيء يحول بيني وبين عقلي أبدًا. وكان ممن حرمها أيضًا في الجاهلية: أَبُو بكر الصديق، وعثمان بْن مظعون، وعثمان بْن عفان، وعبد الرحمن بْن عوف- وفيه نظر- وقيس بْن عاصم.

وحرمها قبل هؤلاء: عبد المطلب بْن هاشم، وعبد اللَّه بْن جدعان. ويقال: أول من حرمها عَلَى نفسه في الجاهلية عامر بْن الظرب العدواني. وقيل: بل عفيف بْن معديكرب العبدي.

وكان عباس بْن مرداس ينزل بالبادية بناحية البصرة، وقيل: إنه قدم دمشق وابتنى بها دارًا.

أَخْبَرَنَا المنصور بن أبي الحسن الْفَقِيهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي يَعْلَى أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ قال: حدثنا إِبْرَاهِيم ابن الحجاج السامي [6] حدثنا عبد القاهر بْن السري [7] السلمي، حدثني كنانة بْن العباس بْن مرداس، عَنْ أبيه العباس: أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة والرحمة، وأكثر الدعاء، فأجابه اللَّه عز وجل: أني قد فعلت وغفرت لأمتك إلا ظلم بعضهم بعضا. فأعاد فقال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015