تجللها الوقاية وتحجبها عن النظر المحرم وكذلك الأذن في سماعها وتسمعها. وهكذا بقية الجوارح تصبح في وقاية تامة عن كل منهي عنه. على ما سيأتي بيانه فيما ينبغي على الصائم فعله أو تركه.
وكفى بالصوم خصاصية أن اختصه تعالى لنفسه دون بقية الأعمال كما في الحديث القدسي: "إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به".
وللصيام منزلة خاصة بين الأعمال؛ ومما أجمع عليه المسلمون أن الصيام أفضل العبادات. وتقدم بيان عظم نتائجه من تقوى الله تعالى.. ومما يدل على علو منزلته وعظم مكانته أن الله تعالى اختصه لنفسه دون سائر الأعمال وتولى الجزاء عليه لعظيم أجره كما في الحديث القدسي؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشرة أمثالها إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به".
ويعد هذا الحديث أعظم مبرز ومظهر لفضل الصيام وبيان منزلته عند الله وهذا الجزء من الحديث يشتمل مسألتين، الأولى بيان أجر الأعمال ومضاعفتها. والثانية منزلة الصوم عند الله تعالى؛ أما مضاعفة الأعمال فقد نص هنا عن الحسنة بعشر أمثالها. وهذا مبدأ عام تقرر ليلة الإسراء والمعراج لما فرض الله على الأمة خمسين صلاة. وراجع النبي صلى الله عليه وسلم ربه في التخفيف حتى استقرت إلى خمس وقال الحسنة بعشر أمثالها فكانت الصلوات الخمس بدلاً من الخمسين صلاة الأولى وتقرر مبدأ في الإسلام وحداً أدنى لمضاعفة الأجر عند الله.
أما الحد الأقصى فلا حد له. فقد يضاعف الأجر بحسب الأعمال أو باعتبار حال أهلها. فمنها ما يضاعف إلى مائة ومنها إلى سبعمائة. بل وأضعاف كثيرة وإلى ما لا يعلم قدره إلا الله.
فمن الأعمال التي تضاف إلى سبعمائة وأكثر الإنفاق في سبيل الله لعظم منزلة الجهاد لقوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} . وقد جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأعمال عند الله عز وجل سبع: عملان موجبان، وعملان بأمثالهما, وعمل بعشر أمثاله, وعمل بسبعمائة, وعمل لا يعلم ثوابه إلا الله عز وجل؛ فأما الموجبان فمن لقي الله يعبده لا يشرك به شيئا وجبت له الجنة. ومن لقي الله قد أشرك به وجبت له النار. ومن عمل سيئة جزي بها. ومن أراد أن يعمل