ويكون الأمر بخلاف ذلك، فقد تكون الحمرة لأمرٍ حدث في البدن كثوران الدم، والصفرة لثوران خلط ونحوه، فالاستدلال بالتبسم والضحك في مثل هذا الأمر الجسيم قَدْرُه، الجليلِ خَطْرُه، غير سائغ مع تكافؤ وجهي الدلالة المتعارضين فيه.
وعلى تقدير أن يكون ذلك محفوظًا، فهو محمول على تأويل قوله تعالى: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [سورة الزمر، الآية: 67]، أي: قدرته على طيها وسهولة الأمر عليه في جمعها، بمنزلة من جمع شيئًا في كفه، واستقلَّ بحمله من غير أن يجمع كفَّه عليه، بل يُقِلُّهُ ببعض أصابعه، وقد جرى في أمثالهم: فلانٌ يُقِلُّ كذا بأصبعه ويعمله بخنصره، ويؤكد ما ذهبنا إليه حديث أبي هريرة رفعه "يقبض الله الأرض، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض" رواه البخاري في "الصحيح"، وهذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ولفظه جاء على وفاق الآية من قوله عَزَّ وَجَلَّ {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} وليس فيه ذكر الأصابع، وتقسيم الخليقة على أعدادها، فدلَّ أن ذلك من تخليط اليهود وتحريفهم وأن ضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كان على التعجب منه