وعُدَّ ذلك كله نجاحًا, شجع الغرب بعد ذلك على مزيدٍ من الانقلابات العسكرية في المنطقة الإسلامية, بهدف إبقاء السيطرة أو القوة تابعةً له؛ لتنفذ البرنامج, أو المخطط الموضوع لإبعاد المسلمين عن دينهم, وتحقق التغيير الاجتماعي, أو ما يطلق عليه التغريب.
لكن المراقبين لمجريات الحوادث أحسوا بقصور التجربة الكمالية في تركيزها على جانب القوة, فنصحوا إلى جوارها بمحاولة تثبيت النتائج التي تصل إليها الانقلابات العسكرية, وتعميقها في الشعوب1 وحسبنا ذلك انتقادًا لانقلاب أتاتورك.
فإذا أضفنا إليه أن ما بلغه كمال أتاتورك لم يغير شيئًا من الشعب التركي, بل إنه على العكس من ذلك, زاده استمساكًا وتصميمًا, وأنه لولا ظروف تركيا الدولية, وإحاطة الأعداء بها من كل جانب, لكان للشعب من أتاتورك وغيره من الأتاتوركيين شأن آخر.
وهناك أمر لا يزال غائبًا عن أولئك الذين يجرون التغيير, إنهم يحاولون تبديل بناء ببناء, يحاولون هدم البناء القديم, وإقامة بناء جديد.
إن الانقلابات العسكرية تلجأ في وسيلتها للتغيير إلى العنف والقوة, والقانون الطبيعيّ أن كل فعل له رد فعل, مساوٍ له في القوة, ومضاد له في الاتجاه..
والقانون الطبيعيّ كذلك, أن زيادة الضغط تولد الانفجار.
ولعلهم يتغلبون على ذلك بالتغيير من حينٍ لآخر, امتصاصًا للبخار الحبيس أن يؤدي إلى الانفجار, لكن التوقيت قد يخطئهم؛ فيحدث الانفجار قبل التوقيت الذي ضربوه، وعلى نحوٍ لا يستطيعون السيطرة عليه, ولا على نتائجه.
وأخيرًا.. لقد انكشف هذا الأسلوب وتعرّى, وأساء العسكريون إلى أنفسهم, وإلى الذين يعملون لحسابهم, أساءوا أكثر مما أحسنوا.
وإذا كان الغرب بحصافته, قد أدرك فضل الأسلوب القديم, أسلوب احتلال الشعوب بالقوة العسكرية، فعليه -بحصافته- أن يدرك قبل فوات الأوان, فشل الأسلوب الجديد, أسلوب تغيير الشعوب بالقوة العسكرية عن طريق الانقلابات العسكرية.
هذا عن الأسلوب الجديد, فماذا عن الهدف الجديد..؟