الكهرباء, ولكن تدرك أثرها وهو النور, وأنت لا ترى الروح, ولكن تدرك أثرها وهو الحياة, ثم إذا تدرجت مع الماديين وساءلتهم: من الذي أوجد المادة, فيستدرجون معك حتى يتدرج مثل: "دارون" إلى الخلية الأولى, ونقول له: من الذي أوجد الخلية الأولى؟ سيسكت بعضهم, وسيقول آخرون: المصادفة, أو الطبيعة, والساكتون أراحوا واستراحوا.
والقائلون بالمصادفة أو الطبيعة ندع فريقًا آخر يرد عليهم.
- إن القول بأن الحياة وجدت نتيجة حادث اتفاقيٍّ شبيه في مغزاه بأن نتوقع إعداد معجم ضخم نتيجة انفجار صدفي يقع في مطبعة1.
- لو جلس ستة من القرود على آلات كاتبة، وظلت تضرب على حروفها لملايين السنين, فلا يستبعد أن نجد من بعض الأوراق التي كتبوها قصيدة من قصائد شكسبير، وكذلك كان الكون الموجود الآن نتيجة عمليات عمياء ظلت تدور في المادة لبلايين السنيين2.
- ولو كان يمكن للكون أن يخلق نفسه, فإن معنى ذلك أن يتمتع بأوصاف الخالق، وفي هذه الحالة سنضطر أن نؤمن بأن الكون هو الإله, وهكذا ننتهي إلى التسليم بوجود الإله، ولكن إلهنا هذا سوف يكون عجيبًا, إلهًا غيبيًّا وماديًّا في آنٍ واحد, إنني أفضل أن أؤمن بذلك الإله الذي خلق العالم المادي وهو ليس بجزء من هذا الكون, بل هو حاكمه ومدبره, بدلًا من أن أتبنى هذه الخزعبلات3.
ويعقب القرآن على تلك القضية، ويصفها في تساؤل جميل:
- {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ، أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ} ؟ 4
وفي مكان آخر تساؤل آخر:
{أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} ؟
{أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} .
{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} .