وما نود بعد ذلك أن نخوض في مدى سلامة البروتوكولات التي نشرها سرجي نيلوس لأول مرة في سنة 1902, بعد أن وصلت إليه -كما ذكر- في سنة 1901, فإنها من ناحية السند ضعيفة؛ إذ لم يعرف مصدرها الحقيقيّ حتى الآن1.
ولكن الأحداث التي جرت, والتي تجري, قد تؤكد صحتها وسلامة نسبتها, مما يشعر معه الإنسان أنه أمام ما قد يسمى بالحقائق المسلمة.
ووقوع الأحداث التي توقعها ناشرها بعد نشرها بفترات, أقلها خمسة عشر عامًا, وأطولها ما يقرب من الخمسين, يلقي ظلالًا على صحة هذه الوثائق, فقد تنبأ نيلوس أن يحاول اليهود الاستيلاء على السلطة في روسيا, وتَمَّ لهم ذلك بعدها بحوالي خمسة عشر عامًا, وتنبأ نيلوس أن تحاول الأفعى اقتحام الأستانة قبل أن تقوم دولة لليهود2.
وألغيت الخلافة الإسلامية في سنة 1343هـ, وكانت اليد الخفية تعمل في الظلام على تحطيمها.
وقامت دولة إسرائيل سنة1367هـ, واعترفت بها أمريكا, وأعقبتها روسيا في يوم واحد.
ومع ذلك كله, فيبقى احتمال وجود اليهود وراء الفكرين الغربيّ والشرقيّ من الناحية العلمية, مجرد احتمال, وإن كان احتمالًا راجحًا -لكنا نأخذه بحذر حتى لا نقع في "التهويل" كما لا ينبغي أن نقع في "التهوين" فكلاهما تطرف غير سليم, كلاهما إفراط وتفريط, وتبقى الاحتمالات الأخرى قائمة, وأن كانت مرجوحة, ومن بينها أن يكون الانتكاس قد أصاب الفطرة الإنسانية في الشرق والغرب في وقت واحد, فقامت فلسفتهما وفكرهما على أساس أن: "لا موجود إلّا المادة"3.
وهذا الأساس بغير إغراقٍ في الجانب الفلسفيّ ليس صحيحًا على إطلاقه؛ إذ لا شك بوجود أشياء غير المادة؛ فالفكر والفهم ليس أمرًا ماديًّا, وهو موجود, والمشاعر والعواطف ليست أمرًا ماديًّا, وهي موجودة.
والله -سبحانه وتعالى- ليس شيئًا ماديًّا, وهو -سبحانه وتعالى- موجود.
ولا يلزم للوجود أن تدركه الحواس بالبصر أو باللمس أو بالشم, كما يذهب أكثرهم, فإن الإدراك بالأثر أقوى وأشد، فأنت لا ترى