واقعٌ أليم:
الواقع أليمٌ ينطق بتخلُّفِ الأمة الإسلامية, ولم تكن كذلك:
لقد عاشت أكثر من ألف سنة في مقدمة الأمم, بل لقد عاشت فترةً طويلةً هي الأمة الأولى في العالم كله, يعمل لها ألف حساب، ويطلب ودها، ويسعى أمثال إمبراطور ألمانيا للتقرب من خليفتها؛ فيرسل له الهدايا..
وحملت في خلال هذه الفترة حضارة الإسلام للدنيا كلها, حملتها بالعلم والخلق قبل أن تحمل السيف في وجه أعداء الإسلام، ولم تكره على عقيدتها أحدًا, فإن القرآن علمها أن {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّين} 1، وإنما دخل الناس في دين الله أفواجًا لمًّا رأوا صفاء العقيدة وسموها، ولما شاهدوا جمال الخلق ورفعته, فأحسوا أن هذا الدين ينشء نشأً جديدًا, يخرجهم من "عبادة العباد إلى عبادة رب العباد, ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والأخرة".
وما عرفه الغرب من تقدمٍ, كان نتيجة احتكاكه بالشرق الإسلاميّ.
إن نقطة البدء في ذلك التقدم كانت حركة الإصلاح الدينيّ؛ حيث ثار الناس على ظلم الكنيسة واضطهادها، وثاروا على كثير من مفاهيمها المعقدة, بعدما رأوا صفاء العقيدة الإسلامية ويسرها، وسماحة الإسلام وسمو خلقه.. ثم كانت بذور النهضة الأوروبية العلمية أخذًا عن علماء المسلمين الذين تعلم الغربيون على أيديهم في جزر البحر الأبيض، وفي الأندلس، ومن قبل ذلك احتكوا بهم إبان الحروب الصليبية.
وإذا بدأ الغرب في نهضته.. بدأ الشرق الإسلاميّ في كبوته.
وكان لذلك أسباب عديدة, بعضها من أنفسنا، وبعضها خارجٌ عن إرادتنا.
أسباب من أنفسنا:
{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} 2 تلك