الشرط الثالث- أن تطبق شريعة الله شاملةً غير مجزأة:
وشريعة الله شاملة العقيدة والأخلاق، وشاملة الشعائر والمعاملات, وهي بهذا الشمول لا تقبل التجزئة:
فطرة:
لأنها بناء متكامل يشد بعضه بعضًا، وبتر بعض الشريعة كهدم بعض البناء, إن لم يؤد إلى هدمه كله, فعلى الأقل يعجزه عن أداء وظيفته كاملة.
أو هي شفاء متكامل، وترك بعض الدواء بؤدي إلى عدم الشفاء, إن لم يؤد إلى تفاقم المرض.
وهي لا تقبل التجزئة شرعًا؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- جعل الإسلام هو هذه الشريعة المتكاملة, وبتر جزء, أو استبدال غيره به, لا نستطيع معه أن نقول إنه هو الإسلام الذي رضيه لنا الله!
فضلًا عن أن الله سبحانه حذَّرَنَا هذه الفتنة, فقال: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} 1.
وعقَّب على هذه التجزئة بقوله: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} 2.
فالذي يأخذ كل نظامه من عند غير الله؛ كالذي يأخذ بعض نظامه من عند غير الله, قد رضي حكم الجاهلية, وأعرض عن حكم الله.
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "من حالت شفاعته دون حَدٍّ من حدود الله, فقد ضاد الله في حكمه "3 فجعل تعطيل حَدِّ واحدٍ من حدود الله, مضادة لله في حكمه، ومحادة له في أمره, فكيف بمن عطل أكثر من حَدٍّ، ومنع أكثر من حكم؟
وهكذا كانت تجزئة شريعة الله فتنةً.