وقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} 1.
الآية الأولى تعني: لا تقدموا بين يدي الله ورسوله, أي: لا يمكن لكم رأي ولا شرع ولا نظام فوق شرع الله ورسوله, وهو ما عنيناه بأن تكون شريعة الله هي العليا.
أما الثانية: فهي تحرم رفع الصوت فوق صوت النبيّ, وليس من المعقول أن يحرم رفع الصوت ماديًّا فوق صوت النبيِّ, ويجوز رفعه معنويًّا بجعل شرع أو رأيٍ فوق شرع النبيِّ -صلى الله عليه وسلم, بل يمكن أن نقول: إن صوت النبيِّ هو الشرع {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} 2.
ولقد يكون هذا الشرط غريبًا على من قبلوا تطبيق شريعة الله, لكن يبدو لازمًا بالنسبة لقومٍ نصوا في بعض دساتيرهم على أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسيّ؛ فأجازوا بذلك أن تكون معها شرائع أخرى, أو آخرون جعلوا الشريعة الإسلامية مصدرًا ثالثًا بعد التشريع الوضعيّ والعرف, فجعلوا فوق شريعة الله شرائع أخرى, كذلك بالنسبة لمن يطبقون, فقد يجعلون مع شريعة الله شرائع أخرى في بعض المجالات التي يظنون أن الشريعة سكتت عنها, وفي الحقيقة أنها لم تسكت، مثل النظم المصرفية, وكثير من النظم الاقتصادية والاجتماعية, بل والسياسية!
من هنا كان لابد من التنويه بهذا الشرط لنقول: إنه إذا لم تكن شريعة الله هي العليا, لا شريعة معها, ولا شريعة فوقها, فإنه لا شرعية للنظام الذي يزعم لنفسه أنه إسلاميّ.