ثم ثورات اليهود في فلسطين ضد حكم البطالسة والرومان, ثم محاولات اليهود في العصور الحديثة شراء أراضٍ في فلسطين يمارسون فيها حياة الاستقرار, ويزعمون أن هذه كلها حركات صهيونية خالصة.
وبالنسبة للشقِّ الثاني من الوعود الإلهية -على زعم اليهود- فإن من الحركات الصهيونية البحتة حركة سبتاي زيفي, الذي قام في سالونيك عام 1666م, مدعيًا المسيح المنتظر، ابتغاء تجميع اليهود تحت زعامته لتحقيق نبوءات التوراة.
وعلى هذا, فإن جذور الصهيونية تمتد إلى أعماق التاريخ اليهوديّ، والطابع الدينيّ هو السمة الأصلية لنظرية الصهيونية، ويعترف الدكتور سلوموز شختر1 بهذه الحقيقة حيث يقول: "حيثما يكون الصهيونيون عاملين نشيطين, تكون اليهودية حيةً عاملةً".
وعلى أثر الثورة الإسلامية العربية في فلسطين عام 1355هـ-1936م, ضد المؤتمرات الاستعمارية والصهيونية فيها، شكلت حكومة الانتداب البريطانيّ اللجنة الملكية البريطانية لعلاج مشكلة فلسطين, وكان هدفها تقسيم البلاد بين العرب واليهود، وقد صرَّح زعيم الصهيونيين "وايزمن" أمام هذه اللجنة, أن مبنى حق اليهود في فلسطين إنما هو وعد الله بأرض إسرائيل، وهذا هو سند اليهود الوحيد الذي لا سند سواه, لجأ إليه وايزمن بعد أن خذلته سائر المزاعم والأسانيد المنطقية والقانونية, وتأييدًا لذلك يقول "دافيد بن غوريون" مؤسس دولة إسرائيل: "إن الصهيونية الحقيقية لم تبدأ بهرتزل ومؤتمر بال، ولا بوعد بلفور، ولا بقرارات الأمم المتحدة عام 1948م، لكنها بدأت يوم وعد الله أبانا إبراهيم وعده".
وقد ظلت دعوة اليهود لإحياء آمالهم في العودة إلى أرض الميعاد مستخفيةً طوال ثمانية عشر قرنًا، إلّا ما كان من بعض حاخاماتهم مثل: "سبتاري زيفي" الذي سبقت الإشارة إلى حركته في ظلال ما أتاحه الحكم الإسلاميّ المتسامح لليهود في سالونيك, التي كانت مدينةً تابعةً لدولة الخلافة العثمانية.