وإليك مني روضة مطلولة ... أرجت أزهارها بطيب ثناء
فافسح لها أكناف صفحك إنها ... بكر أتت تمشي على استحياء
قال: وأنشد من ذلك في مولد عام ثمانية وستين وقد كان مولانا رضي الله عنه أبي أن يرسل العنان في مدح مقامه مبالغة في توقير جانب المصطفى صلى الله عليه وسلم وإعظامه فلهذا القصد الأدبي الكريم أتى من المدح السلطاني في آخرها الملتمح القريب واكتفى من القلادة بما أحاط بالترتيب ومدّ القول في ذكر الرسول وعجائب مجده حسبما اقتضاه الاختيار من مولانا كافأ الله جميل قصده آمين:
هذا الصباح صباح الشيب قد وضحا ... سرعان ما كان ليلا فاستنار ضحى
للدهر لونان من نور ومن غسق ... هذا يعاقب هذا كلما برحا
ونلك صبغته أعدى بينه بها ... إذا تراخى مجال العمر وانفسحا
ما ينكر المرء من نور جلا غسقا ... ما لم يكن لأماني النفس مطرحا
إذا رأيت بروق الشيب قد بسمت ... بمفرق فمحيا العيش قد كلحا
يلقى المشيب بإجلال وتكرمة ... من قد أعد من الأعمال ما صلحا
أما ومثلي لم يبرح بعلله ... من النسيم عليل كلما نفحا
والبرق ما لاح في الظلماء مبتسما ... من جانب السفح إلاّ دمعه سفحا
فما له بقريب الشيب من قبل ... من بعد ما لام في شأن الهوى ولحا