فالبهائم لا تشتهي.. وليس فيها "شهوة".. لانعدام العقل، فهي لا تستعرض اللذائذ والأطايب كما يفعل الإنسان، فتثور لديها الرغبة فيها والميل إليها، بل هي لا تتحرّك إلا إذا أحسّت بوجود مأكلها أو مشربها أ, نزوها، فعند ذلك تنقضّ وتقبل، من دون تروّ ولا تمهّل، وعلى سبيل المثال، فإن الفحل من البهائم، ينزو على الأنثى نزوا بلا رويّة، فيقال:" نزا الفحل"، ولا يقال ذلك في الإنسان إذا جامع زوجته، لأن "المجامعة" بين البشر، هي غير "الضراب" بين البهائم.
وبالعودة الى آيات القرآن العظيم، نجد إستعمال "الشهوة"، وسائر إشتقاقات هذه الكلمة، في الكلام عن الإنسان فقط، ولم يرد ذكر "الغريزة" ولا مرة واحدة في القرآن الكريم، لأنه خطاب للبشر، بل جاء تشبيه الكافرين بالدواب والأنعام، كما ذكرنا في العنوان السابق.
أما الإنسان فقد خلق الله تعالى فيه "الشهوة"، وخلق له "الشهوات"، قال تعالى: {زيّن للناس حبّ الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسوّمة والأنعام والحرث} ، فهذه كلها "شهوات"، وقال تعالى عن قول لوط عليه السلام لقومه: {إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء} ، فسمّى تلك الفاحشة:" شهوة" ولم يقل:"غريزة". وحذّر الله تعالى الذين يتّبعون "الشهوات" من سوء العاقبة، فقال تعالى: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيّا} .
وكذلك في الاخرة حيث ينال المؤمنون في الجنة ما يشتهون، كما قال تعالى: {وفيها تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين} .