إن تقسيم شخصية الإنسان على نحو ما تقدّم، لا يعدو أن يكون تقسيما نظريّا، أما من حيث الواقع، فالإنسان لا يكون إنسانا إلا بجانبيه: الحيواني ـ الجسدي ـ والعقلي، مع التأكيد على تقدّم الجانب العقلي في الإنسان على الجانب الحيواني، في الفضل والمرتبة، وعلى أن "العقل" هو الذي يعطي " الإنسان" المعنى الصحيح لإنسانيته.
والإسلام بتكاليفه وأحكامه، خاطب " الإنسان".. كل الإنسان.. من دون فصل أو تقسيم.. معتبرا إياه شيئا واحدا، فلم يخاطب فيه جانبا دون الآخر ولم يعامله على أنه جسم حيّ متحرّك كسائر الحيوان.. ولا على أنه لطيف مجرد كالملائكة.. بل وجّه إليه الخطاب بالتكليف، باعتباره إنسان متكاملا، وخاطبه بالترغيب والترهيب، اختبارا لحوّاسه ومواهبه وعقله، وأخبره بأنه إن أحسن فلنفسه، وإن أساء فعليها، وبأن المؤمن سيدخل الجنّة بجسده وعقله وروحه، وكلّ حواسّه، وأنّ الكافر سيدخل النار كذلك.
وقد وبّخ الله تعالى الكافرين، بأنهم شرّ من دبّ على وجه الأرض، لأنهم كفروا، وجرّدوا أنفسهم من نعمة الإنتفاع بالعقل، فقال عز وجل: {إنّ شرّ الدوابّ عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون} .