وقع فيه الغلط من حديث أبي هريرة، ثم ذكر الحديث، ثم قال وهو في صحيح مسلم ولكن وقع الغلطة في رفعه، وإنما هو من قول كعب الأحبار كذلك قال إمام أهل الحديث محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه الكبير. وقال غيره من علماء المسلمين أيضا وهو كما قالوا لأن الله أخبر أنه خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وهذا الحديث يقتضي أن مدة التخليق سبعة أيام والله تعالى أعلم. اهـ.
وهكذا نقل الإمام ابن كثير في تفسيره ثم ذهب إلى تضعيف الحديث، وأمانة العلم تقتضي نقل كلام أهل العلم هنا في هذا الموضع، وإني مع ضعف إدراكي وقلة بصيرتي وحيلتي أطمئن إلى ما قاله الإمام البيهقي في الأسماء والصفات والعلامة ابن إسحاق صاحب السيرة والسهيلي في الحوض الأنف وأخيرا العلامة عبد الرحيم بن يحي المعلمي في الأنوار الكاشفة، وأزال التعارض الظاهري الواقع بين الحديث ونص القرآن الكريم. وما ذكره الشيخ عبد القادر القرشي من الاتفاق فغير موجود، بل نصُّ القرآن الكريم يخالف هذا الاتفاق إن وجد {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} كما سبق تفسيره عن ابن عباس وقتادة رضي الله تعالى عنهما. وأما ما نقله الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى عن الإمام البخاري رحمه الله تعالى- عن أبو هريرة عن كعب وهو أصح.
قلت: وقد ثبت عن كعب الأحبار أن ابتداء الخلق كان يوم الأحد كما سبق بيانه وفي هذا الحديث الذي أخرجه مسلم لو كان ما ذكره الإمام البخاري في تاريخه صحيحا لكان التعارض واقعا بين قولي كعب الأحبار كما لا يخفى فما هو الراجح.
وقال الشيخ أحمد عبد الرحمن الساعاتي في الفتح الرباني 1 بعد إيراده حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: وقوله يوم السبت فيه رد زعم اليهود أنه ابتدأ في خلق العالم يوم الأحد وفرغ يوم الجمعة، واستراح السبت، قالوا: ونحن نستريح فيه كما استراح الرب. وهذا من جملة غباوتهم، وجهلهم، إذ التعب لا يتصور إلا على حادث. قال تعالى {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ثم ذكر تخريج الحديث. وأورد في الحديث الساعاتي في نفس المجلد 2 وأحال على الصفحة الثامنة من هذا المجلد.