عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما والله أعلم بالصواب. ولهذا يقول العلامة الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي في "الأنوار الكاشفة" 1: ويجاب عن الوجه الثاني بأنه ليس في هذا الحديث أنه خلق في اليوم السابع غير آدم، وليس في القرآن ما يدل أن خلق آدم كان في الأيام الستة ولا في القرآن ولا السنة ولا المعقول أن خالقية الله عز وجل وقفت بعد الأيام الستة، بل هذا معلوم البطلان، وفي آيات خلق أدم في أوائل البقرة وبعض الآثار ما يؤخذ منه أنه قد كان في الأرض عمار قبل آدم عاشوا فيها دهرا، فهذا يساعد القول بأن خلق آدم متأخر بمدة عن خلق السماوات والأرض. فتدّبر الآيات والحديث على ضوء هذا البيان يتضح لك إن شاء الله تعالى أن دعوة مخالفة هذا الحديث لظاهر القرآن قد اندفعت ولله الحمد اهـ.
قلت: وقد نص القرآن الكريم على تأخير خلق آدم عليه الصلاة والسلام كما في قوله تعالى في سورة البقرة: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} والشاهد في هذه الآية الكريمة أن الله تعالى أخر خلق آدم عليه الصلاة والسلام عن خلق الملائكة كما في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما المتقدم والذي أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه، وابن أبى حاتم في تفسيره كما نقله الإمام ابن كثير وإلى هذا المعنى يشير قوله جل وعلا في سورة الرحمن {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} .
قال العلامة الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره 2 حدثنا أبو كريب قال ثنا عبيد الله بن موسى، عن أبى حمزة الثمالي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- أن الله خلق لوحا محفوظا من درة بيضاء، دفتاه ياقوتة حمراء، قلمه نور، وكتابه نور، عرضه ما بين السماء والأرض، ينظر فيه كل يوم ثلاث مائة وستين نظرة يخلق بكل نطرة، ويحيا ويميت، ويعز ويذل، ويفعل ما يشاء.
وقد أورده الإمام ابن كثير في تفسيره 3 وسكت عن بيان درجة إسناده.