قلت: المثنى فما هذا الإسناد هو المثنى بن إبراهيم الآملى ولم أجد له ترجمة في المراجع التي بين يدي والغالب على الظن أنه مجهول ولو كان الإسناد صحيحا لما كان فيه حجة لأنه كلام مقطوع من قول مجاهد بن جبر المكي رحمه الله تعالى وقد خالف قوله هذا نص صحيح مرفوع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سوف يأتي قريبا.
وأثر مجاهد السابق أخرجه الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تفسيره 1 وهو برقم 14773 وقال في تفسيره بعد سياق الإسناد عن مجاهد رحمه الله تعالى بدأ خلق العرش والماء، والهواء، وخلقت الأرض من الماء، وكان بدأ الخلق يوم الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس، وجميع الخلق في يوم الجمعة وتهودت اليهود يوم السبت ويوم من الستة الأيام كألف سنة مما تعدون ثم استوى على العرش اهـ. هكذا ساق الإسناد والمتن في التفسير عن مجاهد بن جبر المكي يرحمه الله تعالى وكان من الواجب عليه رحمه الله تعالى أن يسوق الإسناد والمتن المرفوع الصحيح الذي ساقه في تاريخه وهو إسناد صحيح ومتن مرفوع عن طريق شيخيه القاسم بن بشر بن معروف، والحسين بن علي الصدائي كما سوف يأتي قريبا وقد مضى في تخريج الحديث سابقا.
والجواب عن هذا الإسناد الأخير مع صحة إسناده إلى مجاهد بن جبر المكي رحمه الله تعالى بأنه متن مقطوع ولو كان موقوفا صحيح الإسناد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لم تكن فيه حجة البتة لثبوت حديث صحيح أخرجه مسلم في صحيحه والإمام أحمد في مسنده والبيهقي في الأسماء والصفات والنسائي في السنن الكبرى وابن مردويه في تفسيره وابن جرير الطبري في تاريخه وهو ينص على أن ابتداء الخلق كان في يوم السبت كما يأتي تفصيله إن شاء الله تعالى.
ثم قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: وقال آخرون: اليوم الذي ابتدأ الله فيه في ذلك اليوم السبت ثم قال رحمه الله تعالى: ذكر من قال ذلك، ثم ساق اسناده بقوله: حدثنا ابن حميد، قال حدثنا سلمة بن الفضل، قال حدثني محمد بن اسحاق قال: يقول أهل التوراة: ابتدأ الخلق يوم الأحد وقال أهل الأنجيل ابتدأ الله الخلق يوم الإثنين ونقول نحن المسلمون فيما انتهى الينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدأ الله الخلق في يوم السبت وقد مضى ذكرنا الخبرين. غير انا نعيد من ذلك في هذا الموضع بعض ما فيه من الدلالة على حجة قول كل فريق منهما.