ـ[هشام العثامني]ــــــــ[23 - 12 - 2010, 07:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلاته وسلامه على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
{رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا}.
وبعد:
فهذا ما تمس إليه الحاجة من تقييد لطيف على منظومة (الْمَوْرِثِ لِمُشْكِلِ الْمُثَلَّثِ) للشيخ عبد العزيز المكناسي المغربي رحمه الله تعالى، يحل ألفاظها، ويشكف مشكلها، ويميط اللثام عن مخدرات الحسن من معانيها، يكون كالشرح لبعض معانيه، وكالتشييد لما قد يخفى أو يحتجب من مبانيه، لينبه العاكف عليه على بعض أسراره، ويزيده بصيرة في اجتناء ثماره، سالكا فيه سبيل الإيجاز والاختصار، مراعيا عدم الملالة بالإكثار، وسميته: " حُسْنُ التَّحَدُّثِ بِحَلِّ الْمَوْرِثِ لِمُشْكِلِ الْمُثَلَّثِ "، والله سبحانه وتعالى المستعان، وعليه الثكلان.
شرح مقدمة الناظم رحمه الله:
قال الناظم رحمه الله تعالى:
1 - حَمْدًا لِبَارِئِ الأَنَامِ
ثُمَّ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامْ
2 - مَا نَاحَ فِي دَوْحٍ حَمَامْ
عَلَى الرَّسُولِ العَرَبِي
قلت:
افتتح الناظم رحمه الله هذا النظم بالحمد، لقوله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لا يُبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم» أي مطقوع البركة.
وقد استحب العلماء البداءة بالحمد في افتتاح مصنفاتهم. وقال النووي رحمه الله تعالى:" قال العلماء: يستحب البداءة بالحمد لله لكل مصنف ودارس ومدرس وخطيب وخاطب، وبين يدي سائر الأمور المهمة. قال الشافعي رضي الله عنه: أحب أن يقدم المرء بين يدي خطبته وكل أمر طلبه: حمد الله تعالى، والثناء عليه سبحانه وتعالى، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم".
أما معنى الحمد، فقال العلامة أبو مجمد عبد الحق بن عطية المحاربي الأندلسي رحمه الله تعالى: "الحمد معناه: الثناء الكامل، وهو أعم من الشكر؛ لأن الشكر إنما يكون على فعل جميل يسدى إلى الشاكر، وشكره حمد ما، والحمد المجرد هو ثناء بصفات المحمود من غير أن يسدى شيئا، فالحامد من الناس قسمان: الشاكر والمثني بالصفات. وذهب الطبري إلى أن الحمد والشكر بمعنى واحد، وذلك غير مرضي. وحكي عن بعض الناس أنه قال: الشكر ثناء على الله بأفعاله وأنعامه، والحمد ثناء بأوصافه.
قال القاضي أبو محمد: وهذا أصح معنى من أنهما بمعنى واحد".
ثم ثنى الناظم رحمه الله تعالى بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم امتثالا لقوله تعالى: {ورفعنا لك ذكرك} [الشرح، الآية:4]، أي أنه لا يذكر سبحانه إلا ويقرن بذكره صلى الله عليه وآله وسلم معه، وفي هذا قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:
أَغَرٌّ عَلَيْهِ لِلنُّبُوَةِ خَاتَمٌ مِن اللَّهِ مَشْهُورٌ يَلُوحُ وَيُشْهَدُ
وَضَمَّ الإِلَهُ اسْمَ النَّبِيِّ مَع اسْمِهِ إِذَا قَالَ فِي الخَمْسِ المُؤَذِّنُ أَشْهَد
وأما حديث أبي هريرة مرفوعا:"كل كلام لا يبدأ فيه بحمد الله والصلاة عليَّ فهو أقطع أبتر ممحوق من كل بركة".فلا يصح، أخرجه الرافعي في ((التدوين في أخيار قزوين))، والخليلي في ((الإرشاد))، ومن طريقه الرُهاوي في ((الأربعين))، وقال: "غريب، تفرد بذكر الصلاة فيه إسماعيل بن أبي زياد الشامي، وهو ضعيف جدا، لا يعتد بروايته ولا بزيادته".
ومعنى الصلاة على النبي: الرحمة المقرونة بالتعظيم.
قال العلامة الحليمي رحمه الله تعالى:" أما الصلاة في اللسان فهي التعظيم ... فإذا قلنا:" اللهم صل على محمد "، فإنما نريد به: اللهم عظم محمدا في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دعوته وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته وإجزال أجرك، ومثوبته وإبداء فضله للأولين والآخرين بالمقام المحمود، وتقديمه على كافة المقربين في اليوم المشهود".
وقرن الناظم رحمه الله تعالى الصلاة مع السلام لما قاله الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم:"وقد نص العلماء على كراهة الاقتصار على الصلاة من غير تسليم".
¥