http://www.alriyadh.com/2007/03/22/article234914.html

ما هكذا يكتب الشعر 2/ 2

علي حسين العبادي

وأعود إلى الأبيات المكسورة، والتي وردت في قصيدة شاعرنا إبراهيم عبدالله مفتاح، يقول شاعرنا:

وطني حضنْتُك في سرّي وفي علني

وطني حياتي ومنْ إلاَّك يا وطني

فيكسر البيت، ويستقيم لو قال:

حضنْته وطني في السر والعلن

أنت الحياة ومنْ إلاّك يا وطني

ونقطع البيت هكذا، وهو من البحر البسيط:

ويقول الشاعر مفتاح:

وطني وعيناك مفتونٌ بهُدْبهما

حِبْري وحرْفي ونبض الروح في بدني

فيكسر الشطر الأول، ويستقيم لو قال:

(عيناك يا وطني هُدْباهما فِتَنٌ)، ونقطع الشطر هكذا:

ويقول الشاعر مفتاح:

وطني تُرابك ذَرّاتٌ تعانقني

وتنثر القُبَل الحرَّى وتُشعلُني

فيكسر الشطر الأول من البيت، ويستقيم لو قال:

(هذا تُرابك ذَرّاتٌ تُعانقني)، ونقطعه هكذا:

ويقول الشاعر مفتاح:

وطني سأبحث عن بحر وقافية

ولوْن طيْف برؤياه تُكحّلُني

فيكسر الشطر الأول من البيت، ويستقيم لو قال:

(إني سأبحث عن بحر وقافية) ونقطعه هكذا:

ويقول الشاعر مفتاح:

وطني سأبحث عن لحنٍ أغازله

وأنملٍ في سنا عينيك تغزلني

فيكسر الشطر الأول من البيت، ويستقيم لو قال:

(إني سأبحثُ عن لحنٍ أغازله) ونقطعه هكذا:

ويقول الشاعر مفتاح:

وطني على شفتي نارٌ وأدخنةٌ

من السُؤالات أنَّى رحْتُ تُلْهبُني

فيكسر الشطر الأول من البيت، ويستقيم لو قال:

(نارٌ وأدخنةٌ أمْستْ على شفتي)، ونقطعه هكذا:

وأتجاوز عن الجمع للسؤال (سؤالات). والسؤال في اللغة العربية: طلب الصدقة، والحديث الشريف: "نهى عن كثرة السؤال"، ثم أطلقه المتأخرون لما يطلب من طالب العلم الإجابة عنه في الاختبار، وفي غيره من الأسئلة. والسؤال جمعه: أسئلة، ولا يجمع على سؤالات. ويقول الشاعر مفتاح:

وطني لعينيك أسرجتُ المنى سحراً

إذْ عسعس الليلُ أمناً في سُرى سفُني

فيكسر الشطر الأول من البيت، ويستقيم لو قال:

"أسْرجْتُ يا وطني كل المنى سحراً"، ونقطعه هكذا:

ويقول الشاعر إبراهيم مفتاح:

وطني يذوب الهوى في كاحلي لغة

وبين جنبيَّ في صحوي وفي وسَني

فيكسر الشطر الأول من البيت، ويستقيم لو قال:

"ذاب الهوى وطني في كاحلي لغةً". ونقطعه هكذا:

والبحر البسيط، بحر قصيدة الشاعر إبراهيم مفتاح، هو من دائرة المختلف، لاشتمالها على الطويل والبسيط اللذين هما أشرف من سائر البحور لطولهما وحُسن ذائقتهما وكثرة ورودهما في أشعار العرب، كما صرّح بذلك علماء العروض. يقول أبو العلاء المعري (رحمه الله): "إن أكثر أشعار العرب من الطويل والبسيط والكامل، ومن تصفح أشعارهم وقف على صحة ذلك" انتهى .. والبحر البسيط، يدخله الزحاف، فتصير (مستفْعلنْ): متفْعلنْ) وتنقل إلى (مفاعلنْ)، ويسمَّى (خبْناً)، وهو زحاف مستحسن، وتصير (مسْتفْعلنْ): (مسْتعلنْ)، وتنقل إلى (مفْتعِلنْ)، ويسمَّى (طيّاً). وتصير (مستفْعلنْ): (متَعِلنْ) وتنقل إلى (فعِلتُنْ) ويسمَّى (خبْلاً). والمخبول: ما سقط ثانيه ورابعه الساكنان. ويجوز في (فاعلنْ) الخبن، فتصير (فعِلنْ) بتحريك العين. ويجوز في عروضه المجزوْة المقطوعة (مفْعولنْ) الخبن، فتصير: (معولن)، وتنقل إلى (فعولنْ)، ويجوز أيضاً في ضربها المجزوء المقطوع.

والبحر البسيط وزنه:

مسْتفعْلنْ/ فاعلنْ/ مسْتفْعلنْ/ فاعلنْ/. مرتان، والتفعيلة الأخيرة، أي تفعيلة الضرب، لا ترد في الشعر العربي (فاعلنْ)، وإنما ترد مخبونة (فعِلن) بتحريك العين، إلاَّ إذا كان البيت مصرَّعاً، فتأتي (فاعلنْ) والضرب في البحر البسيط يأتي (فعِلنْ) بتحريك العين، أو (فعْلنْ) بتسكين العين، وسأتحدث عن البحر البسيط، موضحاً عروضه وأضربه، وما يجوز فيهما، وعن شواذ هذا البحر، وعن مخلّع البسيط وعن مجزوئه، في الجزء الثاني من كتابي (ما هكذا يكتب الشعر) الذي سيصدر (إن شاء الله) قريباً ..

ويدخل (الطيّ) البحر البسيط، كما أشرتُ إليه آنفاً، ولكنني لا أرتاح إليه إذا جاء الطيُّ في أول البيت، اقرأ معي قول الأعشى من معلقته:

غرّاءُ فرعاءُ مصقولٌ عوارضُها

تمشي الهوينى كما يمشي الوجي الوحِلُ

تسمعُ للحلي وسواساً إذا انصرفت

كما اسْتعان بريحٍ عِشْرقٌ زجِلُ

فتصطدم موسيقى البيت الثاني بأذن القارئ ذي الذائقة الشعرية، فلا تستريح أذنه بسماعه. ولو جاء البيت هكذا:

للحلْي تسمعُ وسْواساً إذا انصرفتْ

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015