ـ[ابو مروان المروان]ــــــــ[02 - Mar-2009, مساء 03:47]ـ
قال الشيخ المحدث سليمان بن ناصر العلوان حفظه الله في
الإجابة المختصرة في التنبيه على حفظ المتون المختصرة
حفظ القرآن
فأقول ومن الله استمد العون والصواب: الأولى في حق طالب العلم تقديم تعلم القرآن وحفظه، فإن ذلك أفضلُ ما أُتي العبدُ، فالقرآنُ شفيعٌ يومَ القيامةِ، ودليلٌ إلى الجنةِ، وأهلُهُ هُم أهلُ الله ? وخاصته.
وقد جاءتِ الأخبارُ الصحاح في فضل قارئِ القرآنِ ومُعَلِّمِهِ، ففي صحيح البخاري من طريق: أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ ?، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنَّهُ قَالَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» ().
وفي صحيح الإمام مسلم من طريق: عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِيَ عُمَرَ بِعُسْفَانَ، وَكَانَ عُمَرُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى مَكَّةَ، فَقَالَ: مَنْ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي. فَقَالَ: ابْنَ أَبْزَى. قَالَ: وَمَنْ ابْنُ أَبْزَى. قَالَ: مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا. قَالَ: فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى. قَالَ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ. قَالَ عُمَرُ: أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ» ().
وجاء عند أبي داود () والترمذي () بِسَنَدٍ حَسَنٍ من طريقِ: سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ النَّبِيِّjقَالَ: «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَأُ بِهَا».
وعلى طالب العلم: أنْ يحرصَ كلَّ الحرص على قراءة القرآن بالتَّدبّرِ والتَّفهّم لمعانيه، فالعلمُ كله في القرآن. وحفظُ القليل من القرآن مع التدبر والتفكر والعمل به؛ خيرٌ من حفظ الكثير بغير تدبر ولا تفهم ولا عمل. وقوله ? - فيما تقدم -: «إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ» هذا إذا عَمِلَ بِمُحكَمِهِ وآمَنَ بِمُتَشابِهِهِ ()، وأحل حلاله وحرم حرامه ()، أما إذا ضَيَّعَ أَوامره وارْتَكَبَ نواهيه؛ فليس له حظ مما دل عليه الحديث.
وقد روى ابن حبان () بسند حسن من طريق: الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «القرآنُ شافعٌ مُشَفَّعٌ، وماحِلٌ مُصَدَّقٌ، مَن جعلهُ إِمامَهُ قادَهُ إِلى الجنةِ، ومَن جعلَهُ خلفَ ظهرِهِ ساقَهُ إِلى النَّارِ».
فإن حفظ القرآن كله فقد نال أفضل الأعمال وأسنى المقامات، فإن عسر عليه حِفظُ القرآن كله فليحفظ ما يقدر عليه بعد حفظ الواجب، وليحرص كل الحرص على حفظ ما يمكن حفظه.
وليكن اعتناؤه بالسور التي جاءت فيها فضائل كسُورَتَي: البقرة وآل عمران، وقد جاء فيهما خبر عظيم، ففي صحيح الإمام مسلم () من طريق: مُعَاوِيَةُ بْنَ سَلاَّمٍ، عَنْ زَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلامٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ? يَقُولُ: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ» قَالَ مُعَاوِيَةُ بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ السَّحَرَةُ) ().
بينَ حفظ القرآن وطلبِ العلمِ
¥