أما ما يفعله كثير من الناس من الاجتماع ليلة النصف من شعبان على صلوات معينة وعبادات خاصة في كل عام فهذا من البدع التي اتفق على إنكارها من عامة العلماء، وذكر ذلك جماعة من أهل العلم. فانظر الحوادث والبدع لأبي بكر الطرطوشي (266 - 267)، والباعث على إنكار البدع والحوادث لأبي شامة (142)، واقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية (2/ 138، 256 - 257)، ولطائف المعارف لابن رجب (263) ولم يخالف في تبديع هذا الفعل إلا قلة من أهل العلم، منهم من ذكرهم ابن رجب من أهل الشام، وإسحاق بن راهويه. أما الشافعي فاستحب إحياءَها، كما في الأم (1/ 231)، لكن لم يذكر أن ذلك يكون بالاجتماع لها، ولم يذكر الشافعي دليل ذلك الاستحباب.
وما دامت المسألة متنازعاً فيها فالمرجع فيها إلى الكتاب والسنة، كما قال –تعالى-: "فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا" [النساء: 59].
وقد صح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ " أخرجه مسلم (1718) وليلة النصف من شعبان لم يثبت في فضلها حديث، وكل ما ورد في فضل تخصيصها بعبادة باطلٌ موضوعٌ، فليس في تعمُّد القيام فيها بعبادة ما، على وجه التعيين لها وتخصيصها بتلك العبادة إلا ابتداعاً في الدين، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -:" كل بدعة ضلالة " أخرجه مسلم (867).
فنسأل الله تعالى السلامة من كل بدعة، وأن يُنْعِشَ قلوب العباد بسنة النبي – صلى الله عليه وسلم -.
والله أعلم.
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
ومن العجيب كنت اطلعت على كتاب لمشهور بن حسان سلمان بعنوان: حسن البيان فيماورد في نصف الليلة من شعبان. وقد ذهب المؤلف الى تصحيح حديث حديث أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: " ينزل الله – عز وجل – ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لكل شيء إلا الإنسان في قلبه شحناء، أو مشرك بالله " وقد أورد له تسعة شواهد وبعض المراسيل , وقد تفضل الشيخ حاتم بالحكم على الاحاديث الذي ساقها الاخ مشهور , وفي نهاية البحث نقل هذا الكلام:
((وجملة القول أن الحديث بمجموع هذه الطرق صحيح بلا ريب , والصحة تثبت بأقل منها عددا ما دامت سالمة من الضعف الشديد , كما هو شأن هذا الحديث , فما نقله الشيخ القاسمي رحمه الله تعالى في ((غصلاح المساجد)) (ص107) وقبله ابن العربي في (عارضة الاحوذي)) (3/ 275) عن أهل التعديل والجرح أنه ليس في فضل ليلة النصف من شعبان حديث يصح , فليس مما ينبغي الاعتماد عليه , ولئن كان أحد منهم أطلق القول مثل هذا القول , فإنما أوتي من قبل التسرع وعدم وسع الجهد لتتبع الطرق على هذا النحو الذي بين يديك , والله تعالى هو الموفق.
قاله شيخنا العلامة الالباني رحمه الله تعالى في ((السلسلة الصيحية)) (رقم 1144).
وهذا الكلام في الحقيقة هو من قبل التسرع ,, ولا نعلم عن أهل النقد من المحدثين انهم تسرعوا. والله المستعان.