(اعْلَمْ أَنَّ لِكُلِّ مَطْلُوبٍ بَاعِثًا. وَالْبَاعِثُ عَلَى الْمَطْلُوبِ شَيْئَانِ: رَغْبَةٌ أَوْ رَهْبَةٌ، فَلْيَكُنْ طَالِبُ الْعِلْمِ رَاغِبًا رَاهِبًا.

أَمَّا الرَّغْبَةُ فَفِي ثَوَابِ اللَّهِ تَعَالَى لِطَالِبِي مَرْضَاتِهِ، وَحَافِظِي مُفْتَرَضَاتِهِ.

وَأَمَّا الرَّهْبَةُ فَمِنْ عِقَابِ اللَّهِ تَعَالَى لِتَارِكِي أَوَامِرِهِ، وَمُهْمَلِي زَوَاجِرِهِ).

****************************** ******************** ******************

[التأصيل العلمي]

(اعْلَمْ أَنَّ لِلْعُلُومِ أَوَائِلَ تُؤَدِّي إلَى أَوَاخِرِهَا، وَمَدَاخِلَ تُفْضِي إلَى حَقَائِقِهَا.

فَلْيَبْتَدِئْ طَالِبُ الْعِلْمِ بِأَوَائِلِهَا لِيَنْتَهِيَ إلَى أَوَاخِرِهَا، وَبِمَدَاخِلِهَا لِتُفْضِيَ إلَى حَقَائِقِهَا.

وَلَا يَطْلُبُ الْآخِرَ قَبْلَ الْأَوَّلِ، وَلَا الْحَقِيقَةَ قَبْلَ الْمَدْخَلِ.

فَلَا يُدْرِكُ الْآخِرَ وَلَا يَعْرِفُ الْحَقِيقَةَ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ عَلَى غَيْرِ أُسٍّ لَا يُبْنَى، وَالثَّمَرُ مِنْ غَيْرِ غَرْسٍ لَا يُجْنَى).

****************************** ******************** *******

قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: الْمُتَوَاضِعُ مِنْ طُلَّابِ الْعِلْمِ أَكْثَرُهُمْ عِلْمًا، كَمَا أَنَّ الْمَكَانَ الْمُنْخَفِضَ أَكْثَرُ الْبِقَاعِ مَاءً.

****************************** ******************** *********************

(يَنْبَغِي لِطَالِبِ الْعِلْمِ أَنْ لَا يَنِيَ فِي طَلَبِهِ وَيَنْتَهِزَ الْفُرْصَةَ بِهِ، فَرُبَّمَا شَحَّ الزَّمَانُ بِمَا سَمَحَ وَضَنَّ بِمَا مَنَحَ).

****************************** ******************** **

[التدرج وتقديم المهم]

(وَيَبْتَدِئُ مِنْ الْعِلْمِ بِأَوَّلِهِ وَيَأْتِيهِ مِنْ مُدْخَلِهِ وَلَا يَتَشَاغَلُ بِطَلَبِ مَا لَا يَضُرُّ جَهْلُهُ فَيَمْنَعُهُ ذَلِكَ مِنْ إدْرَاكِ مَا لَا يَسَعُهُ جَهْلُهُ.

فَإِنَّ لِكُلِّ عِلْمٍ فُصُولًا مُذْهِلَةً وَشُذُورًا مُشْغِلَةً، إنْ صَرَفَ إلَيْهَا نَفْسَهُ قَطَعَتْهُ عَمَّا هُوَ أَهَمُّ مِنْهَا).

****************************** ******************** ***************

قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: بِتَرْكِ مَا لَا يَعْنِيك تُدْرِكُ مَا يُغْنِيك.

****************************** ******************** ***************

[مطالع العلوم] (قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْعُلُومُ مَطَالِعُهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: قَلْبٌ مُفَكِّرُ، وَلِسَانٌ مُعَبِّرٌ، وَبَيَانٌ مُصَوِّرٌ.

فَإِذَا عَقَلَ الْكَلَامَ بِسَمْعِهِ فَهِمَ مَعَانِيَهُ بِقَلْبِهِ.

وَإِذَا فَهِمَ الْمَعَانِيَ سَقَطَ عَنْهُ كُلْفَةُ اسْتِخْرَاجِهَا وَبَقِيَ عَلَيْهِ مُعَانَاةُ حِفْظِهَا وَاسْتِقْرَارِهَا؛ لِأَنَّ الْمَعَانِيَ شَوَارِدُ تَضِلُّ بِالْإِغْفَالِ، وَالْعُلُومُ وَحْشِيَّةٌ تَنْفِرُ بِالْإِرْسَالِ.

فَإِذَا حَفِظَهَا بَعْدَ الْفَهْمِ أَنِسَتْ، وَإِذَا ذَكَرَهَا بَعْدَ الْأُنْسِ رَسَتْ).

****************************** ******************** *****

(مَنْ أَكْثَرَ الْمُذَاكَرَةَ بِالْعِلْمِ لَمْ يَنْسَ مَا عَلِمَ وَاسْتَفَادَ مَا لَمْ يَعْلَمْ.

إذَا لَمْ يُذَاكِرْ ذُو الْعُلُومِ بِعِلْمِهِ ** وَلَمْ يَسْتَفِدْ عِلْمًا نَسِيَ مَا تَعَلَّمَا

فَكَمْ جَامِعٍ لِلْكُتُبِ فِي كُلِّ مَذْهَبٍ ** يَزِيدُ مَعَ الْأَيَّامِ فِي جَمْعِهِ عَمَى)

[أهمية المراجعة]

(وَكَثْرَةُ الدَّرْسِ كَدٌ لَا يَصْبِرُ عَلَيْهِ إلَّا مَنْ يَرَى الْعِلْمَ مَغْنَمًا، وَالْجَهَالَةَ مَغْرَمًا.

فَيَحْتَمِلُ تَعَبَ الدَّرْسِ لِيُدْرِكَ رَاحَةَ الْعِلْمِ وَيَنْفِي عَنْهُ مَعَرَّةَ الْجَهْلِ.

فَإِنَّ نَيْلَ الْعَظِيمِ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، وَعَلَى قَدْرِ الرَّغْبَةِ تَكُونُ الْمَطَالِبُ، وَبِحَسَبِ الرَّاحَةِ يَكُونُ التَّعَبُ).

أخوكم: أبو ريان المعتبي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015