فقد كان ابن سيرين يضحك بالنهار و بين الناس و يبكي بالليل) (صيد الخاطر 1/ 391).
(7/ب) التماوت:
ومن الناس من ظن أن حسن السمت في التماوت, وهذا خلاف هدي الإسلام.
قال تعالى:
وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19) سورة لقمان.
يقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: أي: امش متواضعا مستكينا، لا مَشْيَ البطر والتكبر، ولا مشي التماوت.
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (1/ 648).
وفي صحيح مسلم عن أنس قال: (كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أزهر اللون كأن عرقه اللؤلؤ إذا مشى تكفأ).
وعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان إذا مشى تكفأ كأنما يمشي في صعد). أخرجه ابن سعد بسند حسن، و الترمذي في الشمائل بلفظ: (كأنما ينحط من صبب).والتخريج من السلسلة الصحيحة.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمشي مشيا يعرف فيه أنه ليس بعاجز و لا كسلان) صححه الشيخ الألباني في السلسلة وعزاه للمخلص في " الفوائد المنتقاة ".
وقال العلامة أبو شامة رحمه الله في الباعث على إنكار البدع والحوادث:
(فصل فيما ابتدع واستميلت به قلوب العوام:
ومما ابتدع وروى به واستميلت قلوب الجهال والعوام بسببه التماوت في المشي والكلام حتى صار ذلك شعارا لمن يريد أن يظن فيه التنسك والتورع فليعلم أن الدين خلاف ذلك وهو ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه رضى الله عنهم ثم السلف الصالح كما سنورد من أخبارهم في ذلك وصفاتهم في حركاتهم وسكناتهم). ثم ذكر جملةً من الآثار في النهي عن التماوت, فمنها:
عن الامام ابي عبد الله محمد بن أبراهيم البوشنجي قال ما رأيت أحدا في عصر أحمد أجمع منه ديانة وصيانة وأبعد من التماوت.
وعن الربيع قال سمعت البويطي يقول احذر كل مستميت فانه ملد.
(7/ج) الاغترار بحسن السمت الظاهر عن فساد الباطن:
وضَّاعٌ حسن السَّمت!
وفي الجامع لأخلاق الراوي عن ابن حبان، قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده قال أبو زكريا: (كان عندنا شيخ بالكرخ في خان أصحاب الخليج شيخ به من السمت والهدوء والسكون والعسر شيء الله به عليم كنا نختلف إليه فيأبى أن يحدثنا فقلت له يوما: رحمك الله وما عليك أن تحدث تؤجر ولا ينقصك شيء فنظرنا بعد فإذا هو يحدث عن شيوخ شاميين قد ماتوا قبل أن يولد فتركنا حديثه).
خمَّارٌ حسن السَّمت!
وفي الجامع أيضاً عن أبي إسحاق الطلحي، قال: ذكر أبو بكر بن عياش قال: (كنت أنا وسفيان الثوري، وشريك نتماشى بين الحيرة والكوفة فرأينا شيخا أبيض الرأس واللحية حسن السمت فظننا أن عنده شيئا من الحديث وأنه قد أدرك الناس وكان سفيان أطلبنا للحديث وأشد بحثا عنه فتقدم إليه فقال: يا هذا عندك شيء من الحديث؟ فقال: أما حديث فلا ولكن عندي عتيق سنين فنظرنا فإذا هو خمار).
لا تغتر بحسن سمت المبتدع ولا باجتهاده!
قال الآجري رحمه الله في الشريعة:
(فلا ينبغي لمن رأى اجتهاد خارجي قد خرج على إمام، عادلاً كان الإمام أم جائراً، فخرج وجمع جماعة وسل سيفه، واستحل قتال المسلمين، فلا ينبغي له أن يغتر بقراءته للقرآن، ولا بطول قيامه في الصلاة، ولا بدوام صيامه، ولا بحسن ألفاظه في العلم إذا كان مذهبه مذهب الخوارج).
حسن السمت عريٌ عن العلم:
وذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في إنباء الغمر في ترجمة أبي بكر بن عبد الله بن أيوب بن أحمد، الملوي المصري الشاذلي الشيخ زين الدين، ولجده أيوب زاوية بملوي وكان معتقداً، واما هذا فولد سنة 762، وصحب الفقراء وتلمذ للشيخ حسن الحيار ثم لازم صاحبه صلاح الدين العلائي، وصار يتكلم على الناس بزاوية الحيار بقنظرة الموسكي ويفسر القرآن برأيه على قاعدة شيخه، فضبطوا عليه اشياء ورفع إلى القاضي جلال الدين فمنعه من الكلام إلا أن قرا من تفسير البغوي وشبهه واجتمع بي بسبب ذلك فوجدته حسن السمت إلا أنه عرى عن العلم، وكان فيما ذكر لي هو أنه رأي أن في قوله تعالى: كذبت قوم هود المرسلين إذ قال لهم أخوهم هود، إن الضمير في قوله أخوهم للمرسلين، قلت: بل لعاد، قال: لا، لا يليق بالنبي أن يوصف بأنه أخو الكفرة، قلت: فقد قال في الآية الأخرى: واذكر أخا عاد، فسكت، وله نظائر لذلك إلا إنه كان كثير الذكر والعبادة، يتكسب في التجارة في الغزل، ولجماعة من الناس فيه اعتقاد كبير، مات في ليلة الجمعة الخامس من ذي الحجة، وكانت جنازته حافلة، وهو أخو شمس الدين رئيس الأذان بجامع ابن طولون الذي يقال له المسجل اهـ.
ـ[أبوإبراهيم]ــــــــ[03 - Jun-2007, مساء 10:25]ـ
انتهى.
ـ[إيمان الغامدي]ــــــــ[03 - Jun-2007, مساء 11:15]ـ
جزاكم الله خيراً ..
فوائد قيمة ..
¥