قال عمر: فجمعت بينه وبينهم، ودعوت الله ألا يخيب ظني فيه، فقد كنت عظيم الثقة به، فلما أصبحوا عندي هم وأميرهم، قلت: ما تشكون من أميركم؟ قالوا: لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار. فقلت: وما تقول في ذلك يا سعيد؟ فسكت قليلاً، ثم قال: والله إني كنت أكره أن أقول ذلك، أما وإنه لا بد منه، فإنه ليس لأهلي خادم، فأقوم في كل صباح فأعجن لهم عجينهم، ثم أتريث قليلاً حتى يختمر، ثم أخبزه لهم، ثم أتوضأ، وأخرج للناس.

قال عمر: وما تشكون منه أيضاً؟ قالوا: إنه لا يجيب أحداً بليل. قلت: وما تقول في ذلك يا سعيد؟

قال: إني والله كنت أكره أن أعلن هذا أيضاً، فأنا قد جعلت النهار لهم، والليل لله - عز وجل -.

قلت: وما تشكون منه أيضاً؟ قالوا: إنه لا يخرج إلينا يوماً في الشهر. قلت: وما هذا يا سعيد؟

قال: ليس لي خادم يا أمير المؤمنين، وليس عندي ثياب غير التي علي، فأنا أغسلها في الشهر مرة، وأنتظرها حتى تجف، ثم أخرج عليهم في آخر النهار.

ثم قلت: وما تشكون منه أيضاً؟

قالوا: تصيبه من حين إلى آخر غشية، فيغيب عمن في مجلسه.

فقلت: وما هذا يا سعيد؟!

فقال: شهدت مصرع خبيب بن عدي وأنا مشرك، ورأيت قريش تقطع جسده، وهي تقول: أتحب أن يكون محمد مكانك؟ فيقول: والله ما أحب أن أكون آمناً في أهلي وولدي، وأن محمداً تشوكه شوكة، وإني والله ما ذكرت ذلك اليوم، وكيف أني تركت نصرته؛ إلا ظننت أن الله لا يغفر لي، وأصابتني تلك الغشية.

عند ذلك قال عمر: الحمد لله الذي لم يخيب ظني به، ثم بعث له بألف دينار ليستعين به على حاجته، فلما رأتها زوجته قالت له: الحمد لله الذي أغنانا عن خدمتك، اشتر لنا مؤنةً، واستأجر لنا خادماً، فقال لها: وهل لك فيما هو خير من ذلك؟ قالت: وما ذاك؟! قال: ندفعها إلى من يأتينا بها، ونحن أحوج ما نكون إليها، قالت: وما ذاك؟! قال: نقرضها الله قرضاً حسناً، قالت: نعم وجزيت خيراً.

فما غادر مجلسه الذي هو فيه حتى جعل الدنانير في صرر، وقال لواحد من أهله: انطلق بها إلى أرملة فلان، وإلى أيتام فلان، وإلى مساكين فلان.

فرضي الله عن سعيد بن عامر الجمحي فقد كان من الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.

أولئك أبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع

والحمد لله أولاً وآخراً.

منقولٌ من: موقع امام المسجد

ـ[أبوعبيدة الأثري الليبي]ــــــــ[17 - May-2009, مساء 06:44]ـ

بارك الله فيكم ,نقل موفق.

ـ[ربوع الإسلام]ــــــــ[18 - May-2009, صباحاً 08:03]ـ

وفيكم بارك الله، شكر الله لكم مروركم ..

ـ[علي الزيود]ــــــــ[18 - May-2009, صباحاً 09:10]ـ

جزاك الله خيرا

ـ[أبو الصادق]ــــــــ[01 - Feb-2010, مساء 07:12]ـ

ركضاً إلى الله بغير زاد

إلا التقى وعمل المعاد

والصبر في الله على الجهاد

فكل زاد عرضة النفاد

غير التقى والبر والرشاد

ـ[صالح الطريف]ــــــــ[01 - Feb-2010, مساء 07:35]ـ

أحسنت .. هذا ماتحتاجه الأمة الآن ..

حياة الصحابة .. !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

ـ[فَصَبْرٌ جَمِيلْ]ــــــــ[03 - Oct-2010, مساء 12:26]ـ

قرأت قصته قبل فترة من الزمن

يالله،، نحتاج أن نعود لسير الصحابة رضوان الله عليهم

ربي رحمتك نرجو ألا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015