ـ[فالح الحجية]ــــــــ[24 - عز وجلec-2010, صباحاً 07:46]ـ
حمزة شحاته
شاعر الحجاز
ولد حمزة شحاته في مكة المكرمة سنة \1910 يتيم الاب
نشأ وتربى في (جدة) لدى جاره العم والمربي محمد نورجمجوم، درس في مدارس الفلاح النظامية في (جدة) وكان متفوقاً في دروسه ومتقدماً على سنه فيها، وقد أثّرت أجواء هذه المدينة الانفتاحية في شخصية شحاتة كما فعلت مع بقية أبناء جيله من الشباب في تلك الفترة،
ثم درس لكبار كتاب التيارات التجديدية والرومانسية العربية التي انتشرت في البلاد العربية والمهجر، وقد تأثر كثيراً بجبران خليل جبران، وايليا أبوماضي وجماعة الديوان.
رحل إلى الهند، واقام بها مدة سنتين، مبعوثا لمباشرة الأعمال التجارية لإحدى البيوتات التجارية في جدة وزتشكل هذه الرحلة منعطفا تاريخيا في حياته، حيث انكب فيها على تعلّم اللغة الإنجليزية والتزود بالمعارف والاطلاع على الإنتاج الأدبي البريطاني الغربي، فكانت رافداً أساسيا في تكوين شخصيته الفكرية ونزعته التجديدية0 اوجدت رؤيا فلسفية حكيمة في النتاج الشعري والنثري له الذي كان في زمن بعيد عن واقع العالم من حوله، نظم خلال هذه الفترة قصيدته المشهورة (جدة) يتجول بكلماته الشعرية بين تأملاته لمكان ولد وعاش فيه وسط أناس لم يقدروا فكره، ولذلك لم تكن مجرد مقطوعة شعرية تجسدت في شخصية الشاعر وكانت معشوقة الفيلسوف الغامض كما وجده الكثيرون، فهي قصيدة حملت دلالات فلسفية وقد قال عنه احد اصدقائه إنه «قمة عُرفت ولم تُكتشف».
وقصيدة «جدة» التي أطلقت عنانها غربة قاسية من نفحات ذاكرة رجل ولد داخلها عام 1328هـ، وعاش راكضا بين أزقتها وتنقلت طفولته بين رائحة حاراتها العتيقة .. الشام .. اليمن .. البحر .. المظلوم .. لتكون بكل ذلك جسدا غضا لامرأة عذراء مراهقة ساحرة القوام، تتلحف ببحرها، المطرز بالزرقة، كما وجدها شحاتة منذ أول رحلة له في صباه إلى الهند لمزاولة العمل لعدة سنوات، والتي تركت أثرها في نفسه، و تقول ابنته الصغرى زلفى «رحلته إلى الهند كانت منعطفا ثقافيا في حياته».
عاد من الهند شابا فارع الطول مرتب الهندام وطامحا مكافحا وسيما وصاحب ثقافة دسمة استطاع تكوينها من ولعه بالقراءة التي لا يتوقف عنها أبدا في أي مكان يكاد يصله، تقول زلفى «إنه مولع بها بشكل كبير، وليس ذلك فحسب، لقد كان واجبنا اليومي الذي إن لم نفعله نعاقب عليه، وما زلت أتذكر كلماته رغم صغر عمري: ستقرؤون .. ستقرؤون .. الآن بعد قليل .. ستفعلون ذلك».
ذاع صيت شحاتة في المشهد الثقافي بالحجاز في محاضرة مطولة وشهيرة ألقاها في خمس ساعات متواصلة في جمعية الإسعاف الخيري بمكة المكرمة في عام 1938م، حيث قام بتغيير عنوان هذه المحاضرة الى (الرجولة عماد الخلق الفاضل) بدلا من (الخلق الفاضل عماد الرجولة) الذي اختارته جمعية الاسعاف الخيري عنوانا لمحاضرته ولم يتقيد به مما أثار به فضول واندهاش شيوخ ومثقفي مكة من بلاغته ونمط تفكيره، دلل على أبعاد فكرية ومضامين فلسفية واجادات لغوية جاءت باكرة في حياة شاب في الثلاثين من عمره.يقول في قصيدته
(سطوة الحسن) مطلع قصائد ديوانه \
وتهيأت للسلام ولم تفعل
فأغريت بي فضول رفاقي
هبك أهملت واجبي صلفا
منك فما ذنب واجب الأخلاق
بعد صفو الهوى وطيب الوفاق
عزّ حتى السلام عند التلاقي
يا معافى من داء قلبي وحُزني
وسليماً من حُرقتي واشتياقي
هل تمثَّلتَ ثورة اليأس في وجهي
وهول الشقاء في إطراقي؟
احب المطالعة حبا جما وكان يستمتع كثيرا بالقراءة والموسيقى التي كان يعزفها بالفطرة على العود رغبة منه في التحليق لعوالم ما وراء الحياة في نتاجه الفكري فكان شبيهه بأبي العلاء المعري الشاعر الضرير الذي رأى العالم من حوله بقلبه وعقله ولم يره بعينيه
حمزة شحاتة شاعر الحجاز وأديب مكة وفيلسوف الحرية في الجزيرة العربية، وطليعة الخطاب النهضوي والأخلاقي فيه. انه قمة الحجاز التي لم تكتشف، والصرخة الأخلاقية التي سبقت زمانها، وارهاصة الشعرالحديث في ثوبها الريادي على مستوى الحجاز والسعودية، والجزيرة العربية أجمع.
يعتبر حمزة شحاتة من رواد الشعر الحديث في الحجاز وتا ثرٌ بمضامين فلسفية عميقة، وناثر وخطيب مفوّه بانطلاقات أخلاقية وأفكار نهضوية.
¥