17ـ من سالَمَ الناسَ يَسلمْ من غوائِلِهم
وعاش وهو قَريرُ العينِ جَذْلانُ
18ـ من كان للعقلِ سلطانُ عليه غَدا
وما على نفسِهِ للحرصِ سُلطانُ
19ـ من مدَّ طَرْفاً لفَرْطِ الجهلِ نحوَ هَوىً
أغضى على الحقِِّ يوماً وهو خزيانُ
20ـ من عاشَرَ الناسَ لاقى منهمُ نَصَباً
لأن سوسَهُمُ بَغْيٌ وعُدوانُ
21ـ ومن يُفَتِّشْ عن الإخوان يَقْلِهِمُ
فَجُلُّ إخوانِ هذا العَصْرِ خَوَّانُ
22ـ من استشارَ صروفَ الدهرِ قامَ له
على حقيقةِ طَبْعِ الدهرِ بُرهانُ
23ـ من يزرعِ الشَّرَّ يَحْصُدْ في عواقِبِه
ندامةً، ولِحَصْدِ الزَّرْعِ إبَّانُ
24ـ من استَنام إلى الأشرارِ نامَ وفي
قميصِهِ منهُمُ صلٌّ وثُعبانُ
25ـ كن رَيِّق البِشْرِ إنَّ الحرَّ هِمَّتُه
صحيفةٌ وعليها البِشْرُ عُنْوانُ
26ـ ورافِقِ الرِّفْقَ في كلِّ الأمورِ فلم
ينْدَم رفيقٌ ولم يَذْمُمْهُ إنسانُ
27ـ ولا يغرَّنَّكَ حَظٌّ جَرَّهُ خَرَقٌ
فالخُرْقُ هَدْمٌ ورِفْقُ المرءِ بُنْيانُ
28ـ أحْسِنْ إذا كان إمكانٌ ومَقْدِرةٌ
فلن يَدومَ على الإحسانِ إمكانُ
29ـ فالروض يزدان بالأنوار فاغمة
والحرُّ بالعَدْلِ والإحسانِ يَزْدانُ
30ـ صُنْ حُرَّ وجهِك لا تَهْتِك غِلالَتَه
فكلُّ حرِّ لحرِّ الوَجْهِ صَوّانُ
31ـ فإنْ لقيتَ عَدُواً فالْقَهُ أبداً
والوَجْهُ بالبِشْرِ والإشراقِ غَضّانُ
32ـ دَعِ التكاسُلَ في الخيراتِ تَطْلُبُها
فليس يسعدُ بالخيراتِ كسلانُ
33ـ لا ظِلَّ للمَرْءِ يَعْرى من تُقىً ونُهىً
وإنْ أظلَّته أوراقٌ وأفْنانُ
34ـ والناسُ أعوانُ من والتْهُ دَولَتُهُ
وهم عليه إذا عادَتْهُ أعوانُ
35ـ (سَحْبانُ) من غيرِ مالِ (باقِلٌ) حَصِرٌ
و (باقِلٌ) في ثراءِ المالِ (سَحْبانُ)
36ـ لا تودِعِ السِّر وشَّاءً يبوحُ بهِ
فما رَعى غنماً في الدَّوِّ سِرْحانُ
37ـ لا تحسبِ الناسَ طبعاً واحداً فلهم
غرائزٌ لستَ تُحْصيهنَّ ألوانُ
38ـ وما كلُّ ماءٍ كصدّاءٍ لوارِدِهِ
نَعَمْ، ولا كلُّ نَبْتٍ فهو سَعْدانُ
39ـ لا تَخْدِشَنَّ بمَطْلٍ وَجْهَ عارِفةٍ
فالبِرُّ يَخْدِشُه مَطْلٌ ولَيّانُ
40ـ لا تَسْتشِرْ غيرَ نَدْبٍ حازمٍ يقظٍ
قد استَوى فيه إسرارٌ وإعلانُ
41ـ فللتدابير فرسان إذا ركضوا
فيها أبروا، كما للحرب فرسان
42ـ وللأمور مواقيتٌ مقدرةٌ
وكل أمر له حد وميزان
43ـ فلا تكُنْ عَجِلاً بالأمر تَطْلبُه
فليس يُحمَدُ قبلَ النُّضْج بُحْرانُ
44ـ كفى من العيش ما قد سَدَّ مِن عَوَزٍ
ففيه للحُرِّ إن حقَّقْتَ غُنْيانُ
45ـ وذو القناعةِ راضٍ من معيشتِهِ
وصاحبُ الحِرصِ إن أثْرى فغضبانُ!
46ـ حَسْبُ الفتى عَقْلُه خِلاًّ يُعاشِرُه
إذا تحاماه إخوانٌ وخُلاَّنُ
47ـ هما رَضيعا لِبانٍ: حِكمةٌ وتُقًى،
وساكِناً وطنٍ: مالٌ وطغيانُ
48ـ إذا نَبا بكريم مَوْطِنٌ فله
وراءَهُ في بسيطِ الأرضِ أوطانُ
49ـ يا ظالِماً فرِحاً بالعزِّ ساعَدَهُ
إن كنتَ في سِنَةٍ فالدَّهرُ يقظانُ
50ـ ما استمرأ الظَّلمَ لو أنصفتَ آكِلُهُ
وهل يَلذُّ مذاقَ المرءِ خُطْبانُ
51ـ يا أيها العالِمُ المَرْضِيُّ سيرَتُهُ
أبشِرْ فأنتَ بغيرِ الماءِ ريانُ
52ـ وياأخا الجهلِ لو أصبحتَ في لُجَجٍ
فأنت ما بينهما لا شكَّ ظمآنُ
53ـ لا تَحسبنَّ سُروراً دائماً أبداً
مَن سَرَّه زمنٌ ساءَتْهُ أزمانُ
54ـ إذا جَفَاك خليلٌ كنتَ تألَفُه
فاطلُبْ سِواهُ فكلُّ الناسِ إخوانُ
55ـ وإنْ نَبَتْ بك أوطانٌ نشأتَ بها
فارحلْ فكلُّ بلادِ اللهِ أوطانُ
56ـ يا رافلاً في الشَّبابِ الرَّحبِ مُنْتَشِياً
مِن كأسِهِ، هل أصاب الرشدَ نشوانُ؟
57ـ لا تَغترِرْ بشبابٍ رائقٍ نَضِرٍ
فكم تقدم قبلَ الشّيبِ شُبّانُ
58ـ وياأخا الشَّيبِ لو ناصَحتَ نفسَكَ لم
يكن لِمثلِكَ في اللَّذَّاتِ إمعانُ
59ـ هَبِ الشَّبيبةَ تُبدي عُذرَ صاحِبِها
ما عُذرُ أشْيبَ يَستهويه شيطانُ؟!
60ـ كلُّ الذنوبِ فإن الله يغفرها
إن شَيّعَ المرءَ إخلاصٌ وإيمانُ
61ـ وكلُّ كسرٍ فإن الدِّينَ يَجْبُرُهُ
وما لكسرِ قناةِ الدِّين جُبرانُ
62ـ خُذها سوائرَ أمثالٍ مهذبةً
فيها لمن يَبتَغي التِّبيان تِبيانُ
63ـ ما ضَرَّ حَسّانَها - والطبعُ صائِغُها -
إن لم يَصُغْها قَريعُ الشِّعرِ حَسّانُ
الشرح:
¥