ـ[الحُميدي]ــــــــ[07 - صلى الله عليه وسلمug-2010, مساء 10:28]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم: (1)
الحمد الله، و الصلاة و السلام على رسول الله، و على آله و صحبه و من والاه.
أما بعد:
هو همٌّ حرَّك مني دمعَ الجفون، و ألهبَ شغاف قلبيَ المحزون، أبُثُّهُ بثَّ الباعثِ ببرْدِ كلامه الحياة في الرَّمَم، و الُمستنهضِ بوَقْع قولِهِ فاترَ الهِمم، فلستُ براثٍ و لا ناع، و لا إلى النياحة بِداع، و لكن سُباتنا عن سبتة طال، و أسْرُ العدو لتلك الحرة استطال، و كأننا لم نَقَرَّ عينا بجمال ربوعها، و نَسْتَدِرَّ طيبَ المشربِ من ضُرُوعِها، في ما سلف من الأزمان و العصور، أليس فضلُها على المغرب كالشمس في البزوغ و الظهور؟، و هو على المغرب غير مقصور، إذ فضلها أطبق الأرض شرقا و غربا، و ارتوت منه الخليقة نهلا و شُربا، فكيف تُحَلَّى فاسُ و مراكشُ بما سبتة أولى به، أم أن الفاضلَ مبخوسُ الحق بين أترابه؟، و لعل سلوك مهيع الحِجاج في هاته المفاضلة، يكون أجلى لحقيقة هذه الدعوى في بيان فضل سبتةَ على تَيْنِك المدينتين (فاس و مراكش)، فدونك ناصعَ حُجتي، ذابَّةً الوهاءَ عن صحة قولتي:
فهي بعياضها أسمى في رُتَبِ الفخْرِ و السُّؤْدَد، و أرقى في شُرَف الشَّرَفِ و المَحْتِد، من مدينتيْ فاس و مراكش بعلمائهما و رجالهما، فإذا تفاخرت فاس بأعيانها، و تباهت مراكش بأعلامها، بعياض سبتةُ تُفحِمهم، و الحجرَ الناعمَ تُلقمهم، ففاسُ من ذكرِ عياضٍ السبْتيِّ في وُجُوم، و مراكشُ من قَرْعِ اسمه في جثوم، فهذه الفضيلة المُزيلة لكل شَكٍّ يعتلج الجَنان، تقع من النفس موقع ما فُطِرَ عليه الإنسان، مما يعلمه باضطرار دون جَحْدٍ أو نُكران، و في هذه المزية كفاية و مَقْنَع، تُورِد المرتاب من سَلْسَال اليقين أعذب مَكْرَع، فكيف إذا علمْتَ أنْ لا زال في القوس مَنْزَع، نُحيط من مديد ذُيُولِهِ، بأوْفَرِ طَرَف، و نُلِمُّ من غزير سُيُولِهِ، ما يُجَلَّي الدُّرَّ من الصَّدَف، فهاك البيان و الإيضاح، و خَلِّ عنك حَبْكَ التُّهَم، فقد اشرورق الصبحُ و لاح، فلسْتُ بمُؤْثِرٍ لنَهْج الحمية على السبيل الأَمَم، ففضل فاس و مراكش عندي ليس بمنقوص، و لكن لفضل الحرة معنى زائد مخصوص، به كانتْ إلى حِيازة قَصَبَاتِ الفخر أسْبق، و غدا الدهرُ بمآثرها -من غيرها- أنطق، فلها من الأفضال و الأيادي ما تَقْصُرُ عنه الأوصاف، و يحِلُّ مَحِلَّ الإجلال و الإعظام عند ذوي الإنصاف، ....
----------------------------------------------
(1) لقد سرت في رسم هذه الرسالة على مهيع مفخرة الإسلام، و بهجة الأيام: الإمام الأشم ابن حزم - رحمه الله و رضي عنه-، و لست بأول حاذٍ لهذه السبيل، و كارع من عذب هذا السلسبيل، فقد تقدمني في ذلك العلامة أبو عبد الله محمد ابن أحمد بن سودة المري الفاسي -رحمه الله-، فألف رسالة في تفضيل فاس على مدن المغرب، و نبزها بـ"مقامة في تفضيل مدينة فاس على سائر مدن المغرب"، و قد ذكرها حفيده العلامة عبد القادر ابن سودة -رحمه الله- في كتابه (دليل مِؤرخ المغرب،35) [ط: دار الفكر]، فقال أنه سار فيها:" على مثال رسالة أبي محمد علي بن أحمد، المعروف بابن حزم الظاهري الإمام الشهير المتوفى سنة 456 ست و خمسين و أربعمائة موافق سنة 1063، في تفضيل الأندلس على المغرب تقع في نحو ثلاثة كراريس غريبة في بابها"اهـ.
قلت: و لم أقف عليها بعد، و إن يسر الله تعالى الوقوف عليها فسأنقضها بما يقر العيون و يثلج الصدور بإذن الله تعالى.
ـ[الشرح الممتع]ــــــــ[09 - صلى الله عليه وسلمug-2010, صباحاً 07:05]ـ
مشارق أنوار تبدت بسبتة ** ومن عجب كون المشارق بالغرب
ـ[الحُميدي]ــــــــ[10 - صلى الله عليه وسلمug-2010, صباحاً 01:14]ـ
بارك الله فيك أخي "الشرح الممتع"،
و ذاك البيت نرويه عن الإمام ابن الصلاح -رحمه الله و رضي عنه-، و سنورده في " الرسالة" بإذن الله تعالى .. ،
ـ[أبو ولاء]ــــــــ[10 - صلى الله عليه وسلمug-2010, صباحاً 01:51]ـ
أكْرِم بسبتةَ ورجالِها.
ـ[الحُميدي]ــــــــ[11 - صلى الله عليه وسلمug-2010, مساء 06:03]ـ
أكْرِم بسبتةَ ورجالِها.
أكرمك الله في الدارين أخي الفاضل .. ،
ـ[الحُميدي]ــــــــ[18 - صلى الله عليه وسلمug-2010, مساء 09:02]ـ
قد كان الدافع لكتابة هاته الرسالة عدة دواع، هي:
الأول: إحياء ذكرى مدينة سبتة المحتلة، و تقوية العزائم من أجل التفكير فياستقلالها، فهذه المدينة هي التي صنعت أمجاد و رجال المغرب بحق لا غيرها، ولقد تناسى المغاربة أن هذا الجزء من المغرب محتل (ناهيك عن باقي المسلمين).
الثاني: معارضة العلامة ابن سودة رحمه الله في تفضيله لفاس على سائر مدن المغرب، مع أن سبتة أجل و أفضل من فاس بمراحل.
الثالث: بيان أن العاصمة العلمية للمغرب هي سبتة لا فاس كما هو مشهور، وسأقيم من الأدلة و البراهين ما يجعل معلمة "القرويين" مسلمة ذاعنة لسبتةبالعلم و الفضل .. ،الرابع: ذكر بعض الفوائد النادرة حول مدينة سبتة و رجالها .. ،و أسأله تعالى أن يعينني على إتمامها،