يا رب. أنت أرحم بهم مني. وكأنه صلى الله عليه وسلم يقول للخالق: " أتنقل مسألتهم في يدي وأنا أخوهم، إنما أنت ربي وربهم، فهل أكون أنا أرحم بهم منك؟ لقد كان من المتصور أن يقول رسول الله: نعم أعطني أمر أمتي لكنه صلى الله عليه وسلم قال: يا رب أنت أرحم بهم مني. فكيف يكون ردّ الرب عليه؟. قال سبحانه: فلا أخزيك فيهم أبداً، وسبحانه يعلم رحمة سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم بأمته ". عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم: " رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني .. " وقول عيسى عليه السلام: " إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " فرفع يديه وقال: " اللهم أمتي أمتي وبكى، فقال الله عز وجل: يا جبريل اذهب إلى محمد وربك أعلم فسله ما يبكيك؟ فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام فسأله فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال وهو أعلم، فقال الله: " يا جبريل اذهب إلى محمد فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك ". ?فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا ? أي كيف يكون حال هؤلاء العصاة المكذبين .. ? إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ ? أنه أدّى وبلغ عن الله مراده من خلقه. ? وَجِئْنَا بِكَ عَلَى? هَـ?ؤُلا?ءِ شَهِيداً ?؟ ويقول الحق من بعد ذلك: ? يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ ?لَّذِينَ كَفَرُواْ ... ?. «.
* وفي ظلال القرآن/ لسيد قطب (ت 1387 هـ): «ثم يختم الأوامر والنواهي، والتحضيض والترغيب، بمشهد من مشاهد القيامة؛ يجسم موقفهم فيه، ويرسم حركة النفوس والمشاعر كأنها شاخصة متحركة .. على طريقة القرآن في مشاهد القيامة:? فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد، وجئنا بك على هؤلاء شهيداً! يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض، ولا يكتمون الله حديثاً? .. إنه يمهد لمشهد القيامة، بأن الله لا يظلم مثقال ذرة .. وإذن فهو العدل المطلق الذي لا يميل ميزانه قيد شعرة .. وأنه يضاعف الحسنات ويؤتي فضلاً عنها أجراً من لدنه عظيماً .. فهي الرحمة إذن لمن يستحقون الرحمة؛ والفضل المطلق لمن كانوا يرجون الفضل، بالإيمان والعمل .. فأما هؤلاء. هؤلاء الذين لم يقدموا إيماناً، ولم يقدموا عملاً .. هؤلاء الذين لم يقدموا إلا الكفر وسوء العمل .. فكيف يكون حالهم يومذاك؟ كيف يكون الحال، إذا جئنا من كل أمة بشهيد - هو نبيها الذي يشهد عليها - وجئنا بك على هؤلاء شهيداً؟ وعندئذ يرتسم المشهد شاخصاً .. ساحة العرض الواسعة. وكل أمة حاضرة. وعلى كل أمة شهيد بأعمالها .. وهؤلاء الكافرون المختالون الفخورون الباخلون المبخلون، الكاتمون لفضل الله، المراءون الذين لم يبتغوا وجه الله .. هؤلاء هم نكاد نراهم من خلال التعبير! واقفين في الساحة وقد انتدب الرسول صلى الله عليه وسلم للشهادة! هؤلاء هم بكل ما أضمروا وأظهروا. بكل ما كفروا وما أنكروا. بكل ما اختالوا وما افتخروا. بكل ما بخلوا وبخلوا. بكل ما راءوا وتظاهروا .. هؤلاء هم في حضرة الخالق الذي كفروا به، الرازق الذي كتموا فضله وبخلوا بالإنفاق مما أعطاهم. في اليوم الآخر الذي لم يؤمنوا به. في مواجهة الرسول الذي عصوه .. فكيف؟؟؟ إنها المهانة والخزي، والخجل والندامة .. مع الاعتراف حيث لا جدوى من الإنكار .. والسياق القرآني لا يصف هذا كله من الظاهر. إنما يرسم " صورة نفسية " تتضح بهذا كله؛ وترتسم حواليها تلك الظلال كلها. ظلال الخزي والمهانة، والخجل والندامة:? يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوّى بهم الأرض، ولا يكتمون الله حديثاً?! ومن خلال اللمسات المعبرة في الصورة الحية، نحس بكل تلك المعاني، وبكل تلك الانفعالات، وهي تتحرك في هذه النفوس. . نحس بها عميقة حية مؤثرة. كما لا نحس من خلال أي تعبير آخر .. وصفي أو تحليلي .. وتلك طريقة القرآن في مشاهد القيامة، وفي غيرها من مواضع التعبير بالتصوير».
ـ[العلمي أمل]ــــــــ[28 - عز وجلec-2010, مساء 01:28]ـ
المثال الثاني: الآية 118 من سورة المائدة
قد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قام بآية يرددها حتى أصبح، وهي قوله تعالى:
? إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ ?لْعَزِيزُ ?لْحَكِيمُ ?] المائدة: 118 [
¥