النجم (وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى {26}).

وكذلك كلمة البيّنات فإذا كانت بمعنى العلامات الدالة على المعجزات أنّث الفعل وإذا كانت بمعنى الأمر والنهي وحدّ الله والدين ذكّر الفعل هناك حكم نحوي مفاده أنه يجوز أن يأتي الفعل مذكراً والفاعل مؤنثاً. وكلمة البيّنات ليست مؤنث حقيقي لذا يجوز تذكيرها وتأنيثها. والسؤال ليس عن جواز تذكير وتأنيث البيّنات لأن هذا جائز كما قلنا لكن السؤال لماذا؟ لماذا جاء بالاستعمال فعل المذكر (جاءهم البيّنات) مع العلم أنه استعملت في غير مكان بالمؤنث (جاءتهم البيّنات)؟

جاءتهم البيّنات بالتأنيث: يؤنّث الفعل مع البيّنات إذا كانت الآيات تدلّ على النبوءات فأينما وقعت بهذا المعنى يأتي الفعل مؤنثاً كما في قوله تعالى في سورة البقرة (فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {209}) والآية (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {213}) و (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ {253})، وقوله في سورة النساء (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُّبِيناً {153}).

أما جاءهم البيّنات بالتذكير: فالبيّنات هنا تأتي بمعنى الأمر والنهي وحيثما وردت كلمة البيّنات بهذا المعنى من الأمر والنهي يُذكّر الفعل كما في قوله تعالى في سورة آل عمران (كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {86}) و (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {105}) وفي سورة غافر (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ {66}).

. وقد يكون التأنيث للكثرة والتذكير للقلة كما في قوله تعالى (قالت الأعراب آمنا) وقوله تعالى (وقال نسوة في المدينة). ونقول أن هذا الأمر جائز من حيث الجواز اللغوي وليس في هذا شيء لكن السؤال يبقى لماذا اختار تعالى التذكير في موضع والتأنيث في موضع آخر؟ ونأخذ قوله تعالى (جاءكم رسول) بتذكير فعل جاءكم، وقوله تعالى (جاءت رسل ربنا) بتأنيث فعل جاءت. ونلاحظ أنه في الآية الأولى كان الكلام عن جميع الرسل في جميع الأمم من آدم إلى أن تقوم الساعة وهذا يدل على الكثرة فجاء بالفعل مؤنّثاً للدلالة على الكثرة. أما في الآية الثانية فالخطاب لبني إسرائيل ولزمرة منهم وفي حالة معينة أيضاً وهذا يدل على القلة فجاء بالفعل مذكّراً.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015