مذاكرة الحذاق بفوائد ومسائل من علم الاشتقاق

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[05 - صلى الله عليه وسلمpr-2007, مساء 04:36]ـ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الأمين، المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه الطيبين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد؛

فإن (علم الاشتقاق) من العلوم التي تكاد تكون مهجورة في هذا الزمان، فلا نكاد نسمع عن طالب يدرُسُه، ولا نكاد نرى شيخا يُدَرِّسُه، ولا يوجد له إلا القليل من الكتب ما يؤسِّسُه.

مع أنك كثيرا ما تسمع المشايخ في الدروس والمحاضرات يقولون: إن علوم العربية اثنا عشر علما، جمعها الناظم في قوله:

نحو وصرف عروض ثم قافية ................ وبعدها لغة قرض وإنشاء

خط بيانٌ معانٍ مع محاضرة ................ و (الاشتقاق) لها الآداب أسماء

ونظمها آخر فقال:

خُذْ نَظْمَ آدابٍ تَضَوَّعَ نَشْرُها ................ فطوى شذا المنثور حين تَضُوعُ

لُغَةٌ وصَرْفٌ و (اشتقاقٌ) نَحْوُها ................ عِلْمُ الْمَعَانِي بِالْبَيَانِ بَدِيعُ

وعَرُوضُ قَافِيَةٌ وإِنْشَا نَظْمُها ................ وكتابةُ التاريخِ ليسَ يَضِيعُ

وكثير من إخواننا لا يدرسون من هذه العلوم إلا النحو، ومن زاد فإنه يزيد الصرف، ومن تعمق فإنه يضيف إليها شيئا من علوم البلاغة النظرية، والقليل من يدرس الباقي.

وكثيرا ما كنتُ أفكر في هذا الموضوع، وأقول: لعل الله ييسر من يتحفنا بمسائل ومباحث علم الاشتقاق وغيره من علوم اللغة التي صارت كالمهجورة.

وأخيرا عقدتُ العزم على أن أعرض ما عندي؛ لأحفز الإخوة الكرام لعرض ما عندهم.

وكم مر عليَّ من السنين التي افتقدتُ فيها الأخَ الناصحَ والصديقَ الموافقَ، وكما قال الإمام النووي رحمه الله: (مُذاكَرَةُ حاذِقٍ في الفنِّ ساعةً أفضلُ من المطالعةِ ساعاتٍ بل أيامًا).

ومن أفضل من إخوة كرام هنا جمعني بهم الحب في الله، والبحث عن الحق؟!

أسأل الله أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه

إنه أكرم مسئول، وأعظم مأمول!

أخوكم ومحبكم/ أبو مالك العوضي

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[05 - صلى الله عليه وسلمpr-2007, مساء 04:38]ـ

سمعت الشيخ محمد الحسن الددو حفظه الله يقول [من شريط]:

قال أبو العباس المَقَّرِي [تحرفت في بعض الكتب إلى المَعَرِّي فلتصحح]:

من رام فنا فليقدمْ أولا ...................... علما بحَدٍّ ثم مَوْضُوعٍ تلا

وواضع ونسبةٍ وما استمد ...................... منه وفَضْلِه وحُكْم يُعتَمدْ

واسمٍ وما أفاد والمسائل ...................... فتلك عَشْرٌ للمُنى وسائلْ

وبعضهم منها على البعضِ اقتصرْ ...................... ومن يكن يدري جميعَها انتصرْ

وهذه هي المبادئ العشرة التي درج المتأخرون على تقديمها بين يدي دراسة العلوم، وقد كنتُ كتبتُ مبحثا في أن (كون هذه الأمور العشرة مبادئ لدراسة العلوم) فيه نظر، وخاصة عند المبتدئين، وذلك لأمور كثيرة لا مجال لذكرها الآن.

وهي وجهة نظر قد أكون مخطئا فيها.

ومع ذلك فلا يسعنا أن نتخلف عن ركب أئمتنا المتأخرين الذين هذبوا وقسموا ورتبوا؛ فصار كل نظير بجنب نظيره، وكل إلف مضموما إلى مؤالفه، فقعدوا القواعد وأصلوا الأصول، فعلى ذلك نقول:

---------- (المبادئ العشرة لعلم الاشتقاق) ----------

= الاسم: علم الاشتقاق أو مقاييس اللغة، والأول هو المشهور في كتب المصنفين، ولكن الثاني أقرب إلى المراد، وبذلك سمى ابن فارس كتابه.

= الحد: علم بدلالات كلام العرب التي يعرف بها الأصل الذي ترجع إليه الألفاظ.

وهذا حد أقرب إلى الرسم؛ لأني لا أهتم كثيرا بالحدود وما عليها من اعتراضات وجوابات.

= الموضوع: معرفة دلالات الألفاظ وارتباطها ببعض، وذلك بالرجوع إلى أصول معانيها المستنبطة من قياس دلالات الألفاظ المتماثلة المادة.

= الثمرة: التعمق في فهم كلام العرب، ومن ثَمَّ في فهم كلام الشارع، وكثيرا ما تجد المفسرين يشيرون إشارات عابرة إلى أمثلة من هذا العلم، وكثير من المصنفين في العلوم يشيرون أيضا إليه إشارات عابرة عند شرح بعض الاصطلاحات وبيان وجه الاشتقاق فيها.

= الواضع: يعد ابن دريد أول من أفرده بتصنيف يشتمل على كثير من أصوله، وابن فارس هو باري قوسه بكتابه مقاييس اللغة، وكذلك بعض المحاولات والمنثورات قبلهما خاصة من قبل الخليل بن أحمد.

= الحكم: فرض كفاية؛ كما قرر أهل العلم أن علوم الآلة جميعا فروض كفاية.

= فضله: ما ساعد على فهم النصوص الشرعية فلا شك أنه علم فاضل، ولذلك يكثر دورانه في كتب التفسير، والاستنباطات في الخلافات الفقهية.

= نسبته: من علوم اللغة العربية مع الإعمال العقلي، ويمكن عده جزءا من علم (فقه اللغة)، وفيه اشتراك مع (علم التصريف) في بعض المباحث من وجه، والفرق بينهما أن علم التصريف يبحث في الأوزان الظاهرة ودلالة كل وزن، أما الاشتقاق فيبحث في الدلالة الباطنة وارتباط المعاني في المادة الواحدة.

= استمداده: كلام العرب وأحوالهم وإشاراتهم التي يستفاد منها القرائن التي تدل على اتفاق ألفاظ المادة في اللغة.

= مسائله: الأسماء (أعلاما كانت أو غيرها) والكلمات والمواد العربية والبحث في الأصول المعنوية التي ترجع إليها.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015