ومن المنكرات التشبه بالكفار، ولا فرق بين الأمور الدينية والعادية كالزي ونحوه، وروى أبو داود بسند جيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من تشبه بقوم فهو منهم" ويدخل فيه حلق اللحى، لما روى البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى".

ومن أعظم المنكرات تصوير ذوات الأرواح واتخاذها واستعمالها، ولا فرق بين المجسد وما في الأوراق مما أخذ بالآلة وغيره ذكر معناه النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم، وذكر أنه مذهب الأئمة الأربعة، والأحاديث في الوعيد على ذلك والتغليظ فيه معلومة، وأغلظ أنواعه صور المعظمين على وجه التعظيم والتبجيل، وهذا أحد الذريعتين المغلظتين إلى الوقوع في الشرك الأكبر، وهما فتنة القبور وفتنة التماثيل المشار إليها في قوله صلى الله عليه وسلم: "أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مومن أعظم المنكرات وأشدها ضرراً فشو "الأغاني" من الراديوات، واستيلاؤها على ألسنة كثير، وشغف قلوبهم بها، فاستبدل كثير من الناس عمارة بيوتهم بأنواع الأذكار وتلاوة القرآن آناء الليل وآناء النهار بأغاني أم كلثوم وفلان وفلان، من مشاهير المغنيين الفجار (بئس للظالمين بدلاً) فيالله ما أخسر صفقة أصحاب هذا الاستبدال، وما أسوأ وأقبح هذا التحول والنتقال.

ومن أكبر الكبائر وأعظم المنكرات بل هو من جملة المكفرات ترك الصلاة، فإنها قرينة التوحيد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي آخر ما يفقد من الدين، كما قال صلى الله عليه وسلم: "أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة". قال الإمام أحمد رحمه الله: كل شيء ذهب آخره لم يبق منه شيء، وهي عمود الدين كما تقدم في حديث معاذ، وهي أول مايحاسب عنه العبد يوم القيامة، كما قال صلى الله عليه وسلم: "أو ما يحاسب عنه العبد من عمله الصلاة". وتركها تهاوناً وكسلا مبيح للدم بعد أن يدعى تاركها إلى فعلها ويستتاب ثلاثاً، فإن تاب ورجع إلى فعلها، فذاك، وإلا تحتم قتله حداً عند قوم، وردة عند آخرين، وهو الراجح، وهو قول جمهور السلف من الصحابة والتابعين، بل قد نقل إسحاق بن راهويه رحمه الله الإجماع على أنه كافر، ومن الأدلة على كفره ما تقدم، وحديث: "بين العبد وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة". وحديث: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر". وقال عبدالله ابن شقيق: كا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة. وقال ابن مسعود في تفسير قوله تعالى: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات}. قال: هم الذين يؤخرونها عن وقتها ولو تركوها لكانوا كفاراً. سجداً وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله".وهاهنا منكر فوق ما يخطر بالبال ويدور في الخيال، وأعظم ما قدمناه من جميع المنكرات، وهو منكر عدم تغيير المنكرات، وعدم الغيرة لمحارم فاطر الأرض والسموات، والتماوت في ذلك، والتسويف فيه، والاغترار بهذه الزهرة الذاوية عن قرب، مع القدرة على التغيير، ولهذا اشتد في ذلك الوعيد وغلظ فيه التهديد، قال الله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}.

وروى الترمذي عن حذيفة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذاباً من عنده، ثم لتدعنه فلا يستجاب لكم". وروى ابن ماجه والترمذي وصححه، عن أبي بكر الصديق قال: يا أيها الناس إنكم تقرأون هذه الآية: "يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم}. فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الناس إذا رأوا منكراً فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه". ولأحمد: إنكم تقرأون هذه الآية وتضعونها في غير موضعها، فذكره. وروى الترمذي وأبو داود، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا فجالسوهم في مجالسهم وآكلوهم وشاربوهم فضرب الله

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015