وَلِأَنَّ النَّظَر إِلَيْهَا يَفْتِن، وَبَعْض النُّفُوس إِلَيْهَا تَمِيل. قَالَ: وَالْمُرَاد بِالصُّوَرِ هُنَا التَّمَاثِيل الَّتِي لَهَا رُوح وَقِيلَ: يُفَرَّق بَيْن الْعَذَاب وَالْعِقَاب، فَالْعَذَاب يُطْلَق عَلَى مَا يُؤْلِم مِنْ قَوْل أَوْ فِعْل كَالْعَتْب وَالْإِنْكَار، وَالْعِقَاب يَخْتَصّ بِالْفِعْلِ فَلَا يَلْزَم مِنْ كَوْن الْمُصَوِّر أَشَدّ النَّاس عَذَابًا أَنْ يَكُون أَشَدّ النَّاس عُقُوبَة. هَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّرِيف الْمُرْتَضَى فِي " الْغُرَر " وَتُعُقِّبَ بِالْآيَةِ الْمُشَار إِلَيْهَا وَعَلَيْهَا اِنْبَنَى الْإِشْكَال، وَلَمْ يَكُنْ هُوَ عَرَّجَ عَلَيْهَا، فَلِهَذَا اِرْتَضَى التَّفْرِقَة، وَاَللَّه أَعْلَم. وَاسْتَدَلَّ بِهِ أَبُو عَلِيّ الْفَارِسِيّ فِي " التَّذْكِرَة " عَلَى تَكْفِير الْمُشَبَّهَة فَحَمَلَ الْحَدِيث عَلَيْهِمْ وَأَنَّهُمْ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ الْمُصَوِّرُونَ أَيْ الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ لِلَّهِ صُورَة. وَتُعُقِّبَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي بَعْده فِي الْبَاب بِلَفْظِ " إِنَّ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ هَذِهِ الصُّورَة يُعَذَّبُونَ " وَبِحَدِيثِ عَائِشَة الْآتِي بَعْد بَابَيْنِ بِلَفْظِ " إِنَّ أَصْحَاب هَذِهِ الصُّوَر يُعَذَّبُونَ " وَغَيْر ذَلِكَ، وَلَوْ سَلِمَ لَهُ اِسْتِدْلَاله لَمْ يَرِد عَلَيْهِ الْإِشْكَال الْمُقَدَّم ذِكْره. وَخَصَّ بَعْضهمْ الْوَعِيد الشَّدِيد بِمَنْ صَوَّرَ قَاصِدًا أَنْ يُضَاهِي، فَإِنَّهُ يَصِير بِذَلِكَ الْقَصْد كَافِرًا، وَسَيَأْتِي فِي " بَاب مَا وُطِئَ مِنْ التَّصَاوِير " بِلَفْظِ " أَشَدّ النَّاس عَذَابًا الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّه تَعَالَى " وَأَمَّا مَنْ عَدَاهُ فَيَحْرُم عَلَيْهِ وَيَأْثَم، لَكِنْ إِثْمه دُون إِثْم الْمُضَاهِي. قُلْت: وَأَشَدّ مِنْهُ مَنْ يُصَوِّر مَا يُعْبَد مِنْ دُون اللَّه كَمَا تَقَدَّمَ. وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيّ أَنَّ أَهْل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يَعْمَلُونَ الْأَصْنَام مِنْ كُلّ شَيْء حَتَّى أَنَّ بَعْضهمْ عَمِلَ صَنَمه مِنْ عَجْوَة ثُمَّ جَاعَ فَأَكَلَهُ.

5495 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ

5495 - قَوْله: (عَنْ عُبَيْد اللَّه)

هُوَ اِبْن عُمَر الْعُمَرِيّ.

قَوْله: (إِنَّ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ هَذِهِ الصُّوَر يُعَذَّبُونَ يَوْم الْقِيَامَة، يُقَال لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ)

هُوَ أَمْر تَعْجِيز، وَيُسْتَفَاد مِنْهُ صِفَة تَعْذِيب الْمُصَوِّر، وَهُوَ أَنْ يُكَلَّف نَفْخ الرُّوح فِي الصُّورَة الَّتِي صَوَّرَهَا، وَهُوَ لَا يَقْدِر عَلَى ذَلِكَ، فَيَسْتَمِرّ تَعْذِيبه"

ـ[مجموعة آل سهيل الدعوية]ــــــــ[23 - عز وجلec-2010, مساء 07:32]ـ

(الفتاوى).

السؤال الثالث من الفتوى رقم (260):

س3: ما حكم تصوير الصور الشمسية للحاجة أو للزينة؟

ج3: تصوير الأحياء محرم إلا ما دعت إليه الضرورة كالتصوير من أجل التابعية وجواز السفر، وتصوير المجرمين لضبطهم ومعرفتهم ليقبض عليهم إذا أحدثوا جريمة ولجأوا إلى الفرار، ونحو هذا مما لا بد منه.

وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015